يستلزم القادرية ـ عند من يقول : انه تعالى قادر لمعنى ـ وعلى التقديرين فان نسبة ذاته الى جميع الممكنات على السوية. فيلزم أن يكون الله تعالى قادرا على جميع الممكنات ، وأن يكون تعالى قادرا على جميع المقدورات ، وعلى مقدورات العباد.
اذا ثبت هذا فنقول : ذلك المقدور اما أن يقع بمجموع القدرتين ـ أعنى قدرة الله وقدرة العبد ـ واما أن لا يقع بواحدة منهما ، واما أن يقع باحدى القدرتين دون الأخرى. وهذه الأقسام الثلاثة باطلة ، بعين الدليل الّذي ذكرناه فى مسألة التوحيد ، فوجب أن لا يكون العبد قادرا على الايجاد والتكوين.
الحجة الرابعة : لو كانت قدرة العبد صالحة للايجاد ، فاذا أراد الله تعالى تسكين جسم ، وقدرنا أن العبد أراد تحريكه. فاما أن يقع المرادان. وهو محال. أو لا يقع واحد منهما. وهو أيضا محال ـ على ما بيناه فى مسألة التوحيد ـ لأنه خروج عن النقيضين. أو يقع مراد الله تعالى دون مراد العبد (٥) وهو أيضا محال. لأن وقوع أحدهما ليس أولى من وقوع الآخر ، لأن الله تعالى ، وان كان قادرا على ما لا نهاية له ، والعبد ليس كذلك. الا أن ذلك لا يوجب التفاوت بين قدرة الله تعالى وقدرة العبد ، فى هذه الصورة. لأن الحركة الواحدة والسكون الواحد ماهية غير قابلة للقسمة والتفاوت بوجه من الوجوه. واذا كان المقدور غير قابل للتفاوت ، لم تكن القدرة على مثل هذا المقدور قابلة للتفاوت ، فيمتنع أن تكون قدرة الله على ايجاد هذه الحركة أقوى من قدرة العبد على ايجاد السكون ، بل الله تعالى قادر على سائر المقدورات ، والعبد غير قادر عليها. لكن ذلك التفاوت لا يوجب التفاوت فى القدرة على تلك الحركة ، والقدرة على هذا السكون.
__________________
(٥) أو يقع أحدهما دون الآخر : ب