يكون موجودا. وذلك الشيء الّذي يحصل فيه امكان حدوث الأشياء هو المسمى بالهيولى. فاذن كل محدث ، فانه مسبوق بالهيولى. وثبت فى أصول الحكمة : أن الهيولى اما أن يكون هو الجسم ، أو يكون أمرا لا ينفك عن الجسمية. وعلى التقديرين فالقول بقدم الأجسام : لازم.
الشبهة الرابعة لهم : قالوا : كل محدث فانه لا بد وأن يكون عدمه ، قبل وجوده. ولا يجوز أن تكون تلك القبلية ، نفس ذلك العدم. لأن العدم الحاصل قبل ، والعدم الحاصل بعد يتشاركان فى كونهما عدما ، ولا يتشاركان فى معنى القبلية والبعدية. فاذن المفهوم من القبلية أمر زائد على ذات العدم. وذلك الزائد لا بد وأن يكون أمرا موجودا. ثم ذلك الزائد محدث ، فيكون مسبوقا يقبل آخر. فاذن لكل قبل : قبل (٢٢) لا الى نهاية. وما ذاك الا الزمان. فاذن الزمان قديم. وثبت فى أصول الحكمة : أن الزمان من لواحق الحركة. والحركة من لواحق الجسم. فيلزم من قديم الزمان ، قدم الحركة. ومن قدم الحركة ، قدم الجسم.
الشبهة الخمسة لهم : قالوا : الايجاد احسان. فلو لم يكن الله تعالى موجدا فى الأزل ، لكان تاركا للجود والاحسان ، مدة غير متناهية. وذلك غير جائز. وربما عبروا عنه بعبارة أخرى. فقالوا علة وجود العالم ، جود البارى تعالى. وجود البارى تعالى أزلى. فيلزم أن يكون وجود العالم أزليا.
الشبهة السادسة لهم : قالوا : لو كان البارى تعالى موجدا للعالم ، بعد أن لم يكن موجودا له. لكان فاعلا بالاختيار. وهذا محال ، فذاك محال. أما الملازمة فبينة بذاتها. ومتفق عليها. وأما أن التالى محال. فلأن من قصد الى ايجاد شيء ، فأما أن يكون ذلك الايجاد أولى بالنسبة إليه من ترك الايجاد ، واما أن يكون (٢٣) طرفاه
__________________
(٢٢) فاذا قبل كل قبل قبل : أ.
(٢٣) يكونا متساويين : أ.