السبب ، ان كان حادثا ، كان الكلام فى كيفية حدوثه كما فى الأول ، فيفضى الى حدوث أسباب ومسببات لا نهاية لها دفعة واحدة. وهو محال. وان كان السبب قديما ، فقد أسندتم الى المؤثر القديم أثرا محدثا. واذا عقلتم ذلك ، فلم لا يجوز فى كل العالم مثل ذلك أيضا؟
والجواب عن الشبهة الثانية : انا نقول : مؤثرية المؤثر فى الأثر ، لا يجوز أن تكون وصفا زائدا على ذات المؤثر ، لأنه لو كان كذلك ، لكانت تلك الصفة مفتقرة فى تحققها الى ذات الموصوف ، فتكون ممكنة فى ذاتها ، مفتقرة الى المؤثر. فتكون مؤثرية المؤثر فى تلك المؤثر ، زائدة عليها. ويلزم التسلسل.
والجواب عن الشبهة الثانية : ان الامكان لا يمكن أن يكون صفة موجودة. ويدل عليه وجوه :
أحدها : انكم سلمتم أن الشيء قبل حدوثه ، ممكن الوجود. فلو كان الامكان صفة موجودة ، لكان اما أن تكون قائمة به أو بغيره. لا جائز أن تكون قائمة به ، والالزام قيام الموجود بالمعدوم. ولا جائز أن نقوم بغيره. لأن صفة الشيء لا يعقل قيامها بغيره. كما أن الحركة التى يكون الجسم موصوفا بها ، يمتنع أن تكون قائمة بغير ذلك الجسم.
وثانيها : ان اتصاف الماهية بامكان الوجود ، سابق على اتصافها بالوجود. فلو كان الامكان صفة موجودة ، لزم أن يكون اتصاف الماهية بوجود شيء آخر ، سابقا على اتصافها بوجود نفسها.
وثالثها : ان الامكان لو كان موجودا ، لكان مساويا لسائر الموجودات فى الوجود ، ومخالفا لها فى الماهية المخصوصة. فاذن ماهيته غير وجوده. فاتصاف ماهيته بوجوده. ان كان على سبيل