الحكم قولان :
(٩٥٣) أحدهما : أنه سبع سنين ، رواه ابن عباس عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
والثاني : ابن ثلاث سنين. قاله قتادة ، ومقاتل.
قوله تعالى : (وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا) قال الزّجّاج : أي وآتيناه حنانا. وقال ابن الأنباري : المعنى وجعلناه حنانا لأهل زمانه. وفي الحنان ستة أقوال : أحدها : أنه الرّحمة ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس ، وبه قال الحسن ، وعكرمة ، وقتادة ، والضّحّاك ، والفرّاء ، وأبو عبيدة ، وأنشد :
تحنّن عليّ هداك المليك |
|
فإنّ لكلّ مقام مقالا (١) |
قال : وعامّة ما يستعمل في المنطق على لفظ الاثنين ، قال طرفة :
أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا |
|
حنانيك بعض الشّرّ أهون من بعض (٢) |
قال ابن قتيبة : ومنه يقال : تحنّن عليّ ، وأصله من حنين الناقة على ولدها. وقال ابن الأنباري : لم يختلف اللغويون أنّ الحنان : الرّحمة ، والمعنى : فعلنا ذلك رحمة لأبويه ، وتزكية له. والثاني : أنه التّعطّف من ربّه عليه ، قاله مجاهد. والثالث : أنه اللّين ، قاله سعيد بن جبير. والرابع : البركة ، وروي عن ابن جبير أيضا. والخامس : المحبّة ، قاله عكرمة ، وابن زيد. والسادس : التّعظيم ، قاله عطاء بن أبي رباح.
وفي قوله : (وَزَكاةً) أربعة أقوال : أحدها : أنها العمل الصّالح ، قاله الضّحّاك ، وقتادة. والثاني : أنّ معنى الزّكاة : الصّدقة ، فالتّقدير : إنّ الله تعالى جعله صدقة تصدّق بها على أبويه ، قاله ابن السّائب. والثالث : أنّ الزّكاة : التّطهير ، قاله الزّجّاج. والرابع : أنّ الزّكاة : الزّيادة ، فالمعنى : وآتيناه زيادة في الخير على ما وصف وذكر ، قاله ابن الأنباري.
قوله تعالى : (وَكانَ تَقِيًّا) قال ابن عباس : جعلته يتّقيني ، ولا يعدل بي غيري. قوله تعالى : (وَبَرًّا بِوالِدَيْهِ) أي : وجعلناه برّا بوالديه ، والبرّ بمعنى : البارّ ؛ والمعنى : لطيفا بهما ، محسنا إليهما. والعصيّ بمعنى : العاصي. وقد شرحنا معنى الجبّار في سورة هود (٣).
قوله تعالى : (وَسَلامٌ عَلَيْهِ) فيه قولان : أحدهما : أنه السلام المعروف من الله تعالى ، قال عطاء : سلام عليه منّي في هذه الأيام ؛ وهذا اختيار أبي سليمان. والثاني : أنه بمعنى : السّلامة ، قاله ابن السّائب. فإن قيل : كيف خصّ التّسليم عليه بالأيام وقد يجوز أن يولد ليلا ويموت ليلا؟ فالجواب : أنّ المراد باليوم الحين والوقت ، على ما بيّنا في قوله : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) (٤). قال ابن عباس :
____________________________________
(٩٥٣) واه بمرة. أخرجه ابن الديلمي في «زهر الفردوس» ٤ / ١٦٣ من طريق أبي نعيم عن ابن عباس مرفوعا. وإسناده ضعيف جدا. فيه علي بن زيد بن جدعان ، وهو واه ، وفيه محمد بن يونس الكديمي متروك الحديث وكذبه بعضهم. والأشبه في هذا كونه من كلام ابن عباس ، غير مرفوع ، والله أعلم.
__________________
(١) البيت للحطيئة كما في ديوانه : ٢٢٢ و «اللسان» ـ حنن ـ.
(٢) البيت في ديوانه : ٢٠٨ و «اللسان» ـ حنن ـ.
(٣) سورة هود : ٥٩.
(٤) سورة المائدة : ٣.