قائمة الکتاب
20 ـ تفسير سورة طه
١٥٠
إعدادات
زاد المسير في علم التفسير [ ج ٣ ]
زاد المسير في علم التفسير [ ج ٣ ]
المؤلف :أبي الفرج عبد الرحمن بن علي [ ابن الجوزي ]
الموضوع :القرآن وعلومه
الناشر :دار الكتاب العربي ـ بيروت
الصفحات :583
تحمیل
الأعراف (١) فاكتفي بذلك ، وقد شرحنا هناك معنى «يا ابن أمّ» واختلاف القرّاء فيها.
قوله تعالى : (وَلا بِرَأْسِي) أي : بشعر رأسي. وهذا الغضب كان لله عزوجل لا لنفسه ، لأنه وقع في نفسه ، أنّ هارون عصى الله بترك اتّباع موسى.
قوله تعالى : (إِنِّي خَشِيتُ) أي : إن فارقتهم واتّبعتك (أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ) وفيه قولان : أحدهما : باتّباعي إيّاك ومن معي من المؤمنين. والثاني : بقتالي لبعضهم ببعض.
وفي قوله تعالى : (وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي) قولان : أحدهما : لم ترقب قولي لك : «اخلفني في قومي وأصلح». والثاني : لم تنتظر أمري فيهم.
(قالَ فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُّ (٩٥) قالَ بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُها وَكَذلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي (٩٦) قالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً (٩٧) إِنَّما إِلهُكُمُ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً (٩٨))
قوله تعالى : (فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُ) أي : ما أمرك وشأنك الذي دعاك إلى ما صنعت؟ قال ابن الأنباري : وبعض اللغويين يقول : الخطب مشتقّ من الخطاب. المعنى : ما أمرك الذي تخاطب فيه؟! واختلفوا في اسم السّامريّ على قولين (٢) : أحدهما : موسى أيضا ، قاله وهب بن منبّه ، وقال : كان ابن عم موسى بن عمران. والثاني : ميخا ، قاله ابن السّائب.
وهل كان من بني إسرائيل ، أم لا؟ فيه قولان : أحدهما : لم يكن منهم ، قاله ابن عباس. والثاني : كان من عظمائهم ، وكان من قبيلة تسمّى «سامرة» ، قاله قتادة.
وفي بلده قولان : أحدهما : كرمان ، قاله سعيد بن جبير. والثاني : باجرما ، قاله وهب.
__________________
بثلاث سنين ، وأحب إلى بني إسرائيل من موسى لأنه كان ليّن الغضب. وللعلماء في أخذ موسى برأس أخيه أربعة تأويلات : الأول ـ أن ذلك كان متعارفا عندهم ، من قبض الرجل على لحية أخيه وصاحبه إكراما وتعظيما ، فلم يكن على طريق الإذلال. والثاني : أن ذلك إنما كان ليسرّ إليه نزول الألواح عليه ؛ لأنها نزلت عليه في هذه المناجاة وأراد أن يخفيها عن بني إسرائيل قبل التوراة. فقال له هارون : لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي ، لئلا يشتبه سراره على بني إسرائيل بإذلاله. والثالث : إنما فعل ذلك لأنه وقع في نفسه أن هارون مائل مع بني إسرائيل فيما فعلوه من أمر العجل. ومثل هذا لا يجوز على الأنبياء. والرابع : ضمّ إليه أخاه ليعلم ما لديه ، فكره ذلك هارون لئلا يظن بنو إسرائيل أنه أهانه ، فبين له أخوه أنهم استضعفوه ، يعني عبدة العجل ، وكادوا يقتلونه أي قاربوا. وقد دلت هذه الآية على أنه لمن خشي القتل على نفسه عند تغيير المنكر أن يسكت.
وقال ابن العربي : وفيها دليل على أن الغضب لا يغير الأحكام كما زعم بعض الناس ، فإن موسى لم يغير غضبه شيئا من أفعاله ، بل اطردت على مجراها ، وقال المهدوي : لأن غضبه كان لله عزوجل وسكوته عن بني إسرائيل خوفا أن يتحاربوا ويتفرقوا.
(١) سورة الأعراف : ١٥٠.
(٢) ليس في تسميته كبير فائدة ، ولو تعلقت بذلك فائدة لذكره الله عزوجل.