والثاني : سبع سنين ، قاله ابن عباس ، وكعب ، ويحيى بن أبي كثير. والثالث : سبع سنين وأشهر ، قاله الحسن. والرابع : ثلاث سنين ، قاله وهب.
وفي سبب سؤاله العافية ستة أقوال : أحدها : أنه اشتهى إداما ، فلم تصبه امرأته حتى باعت قرونا من شعرها ، فلما علم ذلك قال : «مسّني الضّر» ، رواه الضّحّاك عن ابن عباس. والثاني : أنّ الله تعالى أنساه الدعاء مع كثرة ذكره الله ، فلمّا انتهى أجل البلاء ، يسّر الله له الدعاء ، فاستجاب له ، رواه العوفيّ عن ابن عباس. والثالث : أنّ نفرا من بني إسرائيل مرّوا به ، فقال بعضهم لبعض : ما أصابه هذا إلّا بذنب عظيم ، فعند ذلك قال : «مسّني الضّر» ، قاله نوف البكاليّ. فقال عبد الله بن عبيد بن عمير : كان له أخوان ، فأتياه يوما فوجدا ريحا (١) ، فقالا : لو كان الله علم منه خيرا ما بلغ به كلّ هذا ، فما سمع شيئا أشدّ عليه من ذلك ، فقال : اللهمّ إن كنت تعلم أنّي لم أبت ليلة شبعان وأنا أعلم مكان جائع فصدّقني ، فصدّق وهما يسمعان ، ثم قال : اللهمّ إن كنت تعلم أنّي لم ألبس قميصا وأنا أعلم مكان عار فصدّقني ، فصدّق وهما يسمعان ، فخرّ ساجدا ، ثم قال : اللهمّ لا أرفع رأسي حتى تكشف ما بي ، فكشف الله عزوجل ما به. والرابع : أنّ إبليس جاء إلى زوجته بسخلة ، فقال : ليذبح أيوب هذه لي وقد برأ ، فجاءت فأخبرته ، فقال : لئن شفاني الله لأجلدنّك مائة جلدة ، أمرتني أن أذبح لغير الله؟! ثم طردها عنه ، فذهبت ، فلمّا رأى أنه لا طعام له ولا شراب ولا صديق ، خرّ ساجدا وقال : «مسّني الضّر» ، قاله الحسن. والخامس : أنّ الله تعالى أوحى إليه وهو في عنفوان شبابه : إنّي مبتليك ، قال : يا ربّ ، وأين يكون قلبي؟ قال : عندي ، فصبّ عليه من البلاء ما سمعتم ، حتى إذا بلغ البلاء منتهاه ، أوحى إليه أني معافيك ، قال : يا ربّ ، وأين يكون قلبي؟ قال : عندك ، قال : «مسّني الضّر» ، قاله إبراهيم بن شيبان القرميسي فيما حدّثنا به عنه. والسادس : أنّ الوحي انقطع عنه أربعين يوما ، فخاف هجران ربّه ، فقال : «مسّني الضّر» ، ذكره الماوردي.
فإن قيل : أين الصبر ، وهذا لفظ الشّكوى؟ فالجواب : أنّ الشكوى إلى الله لا تنافي الصبر ، وإنما المذموم الشّكوى إلى الخلق ، ألم تسمع قول يعقوب : (إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ) (٢). قال سفيان بن عيينة : وكذلك من شكا إلى الناس ، وهو في شكواه راض بقضاء الله ، لم يكن ذلك جزعا ، ألم تسمع قول رسول الله صلىاللهعليهوسلم لجبريل في مرضه :
(٩٩٤) «أجدني مغموما» و «أجدني مكروبا».
____________________________________
٢٣٩. وانظر «البداية والنهاية» ١ / ٢٢٢ ـ ٢٢٣ و «الإحسان» ٢٨٩٨. وانظر «تفسير الشوكاني» ١٦٣٦ بتخريجنا ، والراجح وقفه ، والله أعلم.
(٩٩٤) ضعيف. أخرجه ابن سعد في «الطبقات» ٢ / ١٩٨ ـ ١٩٩ والبيهقي في «الدلائل» ٧ / ٢٦٧ ـ ٢٦٨ من طريقين عن جعفر بن محمد عن أبيه ، وفي إسناد ابن سعد من لم يسمّ ، وهو مرسل. وأخرجه البيهقي في «الدلائل» ٧ / ٢١٠ ـ ٢١١ من طريق الحسن بن علي عن محمد بن علي مرسلا. وأخرجه الطبراني في «الكبير» ٢٨٩٠ من طريق علي بن الحسن عن أبيه. وذكره الهيثمي في «المجمع» ٩ / ٣٤ ح ١٤٢٦١ وقال : وفيه عبد الله بن
__________________
(١) هذا مفترى ، قبح الله من وضعه ، وهو من افتراءات اليهود.
(٢) سورة يوسف : ٨٦.