فالجواب : أنّ من رمى مؤمنة فلا بدّ أن يرمي معها مؤمنا ، فاستغني عن ذكر المؤمنين ، ومثله : (سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ) (١) أراد : والبرد ، قاله الزّجّاج.
قوله تعالى : (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ) وقرأ حمزة ، والكسائيّ ، وخلف : «يشهد» بالياء ؛ وهو إقرارها بما تكلّموا به من الفرية. قال أبو سليمان الدّمشقي : وهؤلاء غير الذين يختم على أفواههم. وقال ابن جرير : المعنى : أنّ ألسنة بعضهم تشهد على بعض.
قوله تعالى : (يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللهُ دِينَهُمُ الْحَقَ) أي : حسابهم العدل ، وقيل : جزاءهم الواجب. وقرأ مجاهد ، وأبو الجوزاء ، وحميد بن قيس ، والأعمش : «دينهم الحقّ» برفع القاف (وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ) قال ابن عباس : وذلك أنّ عبد الله بن أبيّ كان يشكّ في الدّين ، فإذا كانت القيامة علم حيث لا ينفعه.
(الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٢٦))
قوله تعالى : (الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ) فيه أربعة أقوال (٢) : أحدها : الكلمات الخبيثات لا يتكلّم بها إلّا الخبيث من الرّجال والنساء ، والكلمات الطيّبات لا يتكلّم بها إلّا الطّيّبون من الرّجال والنساء. والثاني : الكلمات الخبيثات إنما تلصق بالخبيثين من الرجال والنساء ، فأمّا الطّيّبات والطّيّبون ، فلا يصلح أن يقال في حقّهم إلّا الطّيّبات. والثالث : الخبيثات من النساء للخبيثين من الرجال ، والطّيّبات من النساء للطّيّبين من الرجال. والرابع : الخبيثات من الأعمال للخبيثين من الناس ، والخبيثون من الناس للخبيثات من الأعمال ، وكذلك الطّيّبات وقوله تعالى : (أُولئِكَ) يعني : عائشة وصفوان (مُبَرَّؤُنَ) : منزّهون (مِمَّا يَقُولُونَ) من الفرية (لَهُمْ مَغْفِرَةٌ) لذنوبهم (وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) في الجنّة.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (٢٧) فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيها أَحَداً فَلا تَدْخُلُوها حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكى لَكُمْ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (٢٨) لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيها مَتاعٌ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما تَكْتُمُونَ (٢٩))
قوله تعالى : (لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ).
__________________
(١) سورة النحل : ٨١.
(٢) قال الطبري رحمهالله في «تفسيره» ٩ / ٢٩٥ : وأولى هذه الأقوال في تأويل الآية : قول من قال : عنى بالخبيثات : الخبيثات من القول ، وذلك قبيحه وسيئه ، للخبيثين من الرجال والنساء والخبيثون من الناس للخبيثات من القول ، هم بها أولى ، لأنهم أهلها.
والطيبات من القول وذلك حسنه وجميله ، للطيبين من الناس ، والطيبون من الناس للطيبات من القول ، لأنهم أهلها ، وأحق بها.