فشكوا ذلك إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فنزلت هذه الآية. قاله أبو صالح عن ابن عباس.
(٨٩٨) والثاني : أنّ رجلا من الكفار شتم عمر بن الخطّاب ، فهمّ به عمر رضي الله عنه ، فنزلت هذه الآية ، قاله مقاتل ، والمعنى : وقل لعبادي المؤمنين يقولوا الكلمة التي هي أحسن.
واختلفوا فيمن تقال له هذه الكلمة على قولين : أحدهما : أنهم المشركون ، قال الحسن : تقول له : يهديك الله ، وما ذكرنا من سبب نزول الآية يؤيّد هذا القول. وذهب بعضهم إلى أنهم أمروا بهذه الآية بتحسين خطاب المشركين قبل الأمر بقتالهم ، ثم نسخت هذه الآية بآية السّيف. والثاني : أنهم المسلمون ، قاله ابن جرير. المعنى : وقل لعبادي يقول بعضهم لبعض التي هي أحسن من المحاورة والمخاطبة. وقد روى مبارك عن الحسن قال : «التي هي أحسن» أن يقول له مثل قوله ، ولكن يقول له : يرحمك الله ، يغفر الله لك. قال الأخفش : وقوله (يَقُولُوا) مثل قوله : (وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ) ، وقد شرحنا ذلك في سورة إبراهيم (١). قوله تعالى : (إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ) أي : يفسد ما بينهم ، والعدوّ المبين : الظاهر العداوة.
(رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً (٥٤))
قوله تعالى : (رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ) فيمن خوطب بهذا قولان : أحدهما : أنهم المؤمنون. ثم في معنى الكلام قولان : أحدهما : (إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ) فينجيكم من أهل مكّة (أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ) فيسلّطهم عليكم ، رواه أبو صالح عن ابن عباس. والثاني : إن يشأ يرحمكم بالتّوبة ، أو يعذّبكم بالإقامة على الذّنوب ، قاله الحسن. والثاني : أنهم المشركون. ثم في معنى الكلام قولان : أحدهما : إن يشأ يرحمكم ، فيهديكم للإيمان ، أو إن يشأ يعذّبكم ، فيميتكم على الكفر ، قاله مقاتل. والثاني : أنه لمّا نزل القحط بالمشركين فقالوا : (رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ) (١٢) (٢) ، قال الله تعال : (رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ) من الذي يؤمن ، ومن الذي لا يؤمن (إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ) فيكشف القحط عنكم (أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ) فيتركه عليكم ، ذكره أبو سليمان الدّمشقي. قال ابن الأنباري : و «أو» ها هنا دخلت لسعة الأمرين عند الله تعالى ، وأنه لا يردّ عنهما ، فكانت ملحقة ب «أو» المبيحة في قولهم : جالس الحسن ، أو ابن سيرين ، يعنون : قد وسّعنا لك الأمر.
قوله تعالى : (وَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً) فيه ثلاثة أقوال : أحدها : كفيلا تؤخذ بهم ، قاله أبو صالح عن ابن عباس. والثاني : حافظا وربّا ، قاله الفرّاء. والثالث : كفيلا بهدايتهم وقادرا على إصلاح قلوبهم ، ذكره ابن الأنباري. وذهب بعض المفسّرين إلى أنّ هذا منسوخ بآية السّيف.
(وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً (٥٥))
____________________________________
وعزاه المصنف لمقاتل ، وهو كذاب يضع الحديث ، ولذا لم يسمه الثعلبي والواحدي والماوردي.
(٨٩٨) باطل. ذكره الثعلبي كما في «تفسير القرطبي» ١٠ / ٢٤١ والمارودي والواحدي في «أسبابه» ٥٧٧ بدون نسبة لأحد.
__________________
(١) سورة إبراهيم : ٣١.
(٢) سورة الدخان : ١٢.