تعالى : (فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ) هذا قولهم إذا شفع الأنبياء والملائكة والمؤمنون.
(١٠٦٠) وروى جابر بن عبد الله عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «إنّ الرّجل يقول في الجنّة : ما فعل صديقي فلان؟ وصديقه في الجحيم ، فيقول الله عزوجل : أخرجوا له صديقه إلى الجنّة ، فيقول من بقي في النار : فما لنا من شافعين ولا صديق حميم؟. والحميم : القريب الذي تودّه ويودّك والمعنى : ما لنا من ذي قرابة يهمّه أمرنا ، (فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً) أي : رجعة إلى الدنيا (فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) لتحلّ لنا الشّفاعة كما حلّت للموحّدين.
(كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ (١٠٥) إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلا تَتَّقُونَ (١٠٦) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٠٧) فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (١٠٨) وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ (١٠٩) فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (١١٠))
قوله تعالى : (كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ) قال الزّجّاج : القوم مذكّرون ؛ والمعنى كذّبت جماعة قوم نوح. قوله تعالى : (إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ) كانت الأخوّة من جهة النّسب بينهم ، لا من جهة الدّين ، (أَلا تَتَّقُونَ) عذاب الله بتوحيده وطاعته ، (إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ) على الرّسالة فيما بيني وبين ربّكم. (وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ) أي : على الدّعاء إلى التّوحيد.
(قالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ (١١١) قالَ وَما عِلْمِي بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١١٢) إِنْ حِسابُهُمْ إِلاَّ عَلى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ (١١٣) وَما أَنَا بِطارِدِ الْمُؤْمِنِينَ (١١٤) إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ مُبِينٌ (١١٥) قالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ (١١٦))
قوله تعالى : (وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ) وقرأ يعقوب بفتح الهمزة وتسكين التاء وضم العين : «وأتباعك الأرذلون» ، وفيهم ثلاثة أقوال : أحدها : الحاكة ، رواه الضّحّاك عن ابن عباس. والثاني : الحاكة والأساكفة ؛ قاله عكرمة. والثالث : المساكين الذين ليس لهم مال ولا عزّ ، قاله عطاء. وهذا جهل منهم ، لأنّ الصّناعات لا تضرّ في باب الدّيانات.
قوله تعالى : (وَما عِلْمِي بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) أي : لم أعلم أعمالهم وصنائعهم ، ولم أكلّف ذلك ، إنما كلّفت أن أدعوهم ، (إِنْ حِسابُهُمْ) فيما يعملون (إِلَّا عَلى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ) بذلك ما عبتموهم في صنائعهم ، (وَما أَنَا بِطارِدِ الْمُؤْمِنِينَ) أي : ما أنا بالذي لا أقبل إيمانهم لزعمكم أنهم الأرذلون. وفي قوله تعالى : (لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ) ثلاثة أقوال : أحدها : من المشتومين ، قاله الضّحّاك. والثاني : من المضروبين بالحجارة ، قاله قتادة. والثالث : من المقتولين بالرّجم ، قاله مقاتل.
(قالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ (١١٧) فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحاً وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (١١٨) فَأَنْجَيْناهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (١١٩) ثُمَّ أَغْرَقْنا بَعْدُ الْباقِينَ (١٢٠) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٢١) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (١٢٢))
____________________________________
(١٠٦٠) أخرجه الواحدي في «الوسيط» ٣ / ٣٥٧ من حديث جابر ، وإسناده ضعيف جدا ، الوليد بن مسلم يدلس عن كذابين ، وهاهنا شيخه لم يسم ، وباقي الإسناد ثقات. وأبو الزبير هو محمد بن مسلم بن تدرس.