قال الفرّاء : والعرب تقول للخرافات : أحاديث الخلق. وقرأ عاصم ، ونافع وابن عامر وحمزة وخلف «خلق الأولين» بضمّ الخاء واللام. وقرأ ابن عباس ، وعكرمة ، وعاصم الجحدري : «خلق» برفع الخاء وتسكين اللام ؛ والمعنى : عادتهم وشأنهم. قال قتادة : قالوا له : هكذا كان الناس يعيشون ما عاشوا ثم يموتون ، ولا بعث لهم ولا حساب.
قوله تعالى : (وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ) أي : على ما نفعله في الدنيا.
(أَتُتْرَكُونَ فِي ما هاهُنا آمِنِينَ (١٤٦) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (١٤٧) وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ (١٤٨) وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ (١٤٩) فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (١٥٠) وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ (١٥١) الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ (١٥٢))
قوله تعالى : (أَتُتْرَكُونَ فِي ما هاهُنا) أي : فيما أعطاكم الله في الدنيا (آمِنِينَ) من الموت والعذاب. قوله تعالى : (طَلْعُها هَضِيمٌ) الطّلع : الثّمر. وفي الهضيم سبعة أقوال : أحدها : أنه الذي قد أينع وبلغ ، رواه العوفيّ عن ابن عباس. والثاني : أنه الذي يتهشّم تهشّما ، قاله مجاهد. والثالث : أنه الذي ليس له نوى ، قاله الحسن. والرابع : أنه المذنّب من الرّطب ، قاله سعيد بن جبير. والخامس : اللّين ، قاله قتادة ، والفرّاء. والسادس : أنه الحمل الكثير الذي يركب بعضه بعضا ، قاله الضّحّاك. والسابع : أنه الطّلع قبل أن ينشقّ عنه القشر وينفتح ، يريد أنه منضمّ مكتنز ، ومنه قيل : رجل أهضم الكشحين ، إذا كان منضمّهما ، قاله ابن قتيبة.
قوله تعالى : (وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ) قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو : «فرهين». وقرأ الباقون : «فارهين» بألف. قال ابن قتيبة : «فرهين» : أشرين بطرين ، ويقال : الهاء فيه مبدلة من حاء ، أي : فرحين ، و «الفرح» قد يكون السّرور ، وقد يكون الأشر ، ومنه قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ) (١) أي : الأشرين ، ومن قرأ : «فارهين» فهي لغة أخرى ، يقال : فره وفاره ، كما يقال : فرح وفارح ، ويقال : «فارهين» أي : حاذقين ؛ قال عكرمة : حاذقين بنحتها.
قوله تعالى : (وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ) قال ابن عباس : يعني : المشركين. وقال مقاتل : هم التّسعة الذين عقروا النّاقة.
(قالُوا إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (١٥٣) ما أَنْتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنا فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (١٥٤) قالَ هذِهِ ناقَةٌ لَها شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (١٥٥) وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٥٦) فَعَقَرُوها فَأَصْبَحُوا نادِمِينَ (١٥٧) فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٥٨) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (١٥٩) كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ (١٦٠) إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلا تَتَّقُونَ (١٦١) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٦٢) فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (١٦٣) وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ (١٦٤))
__________________
(١) القصص : ٧٦.