إليهم غواة من قومهم يسمعون أشعارهم ويروون عنهم (١).
وفي الغاوين ثلاثة أقوال : أحدها : الشياطين ، قاله مجاهد ، وقتادة. والثاني : السّفهاء ، قاله الضّحّاك. والثالث : المشركون ، قاله ابن زيد.
قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ) هذا مثل بمن يهيم في الأودية ؛ والمعنى أنهم يأخذون في كلّ فنّ من لغو وكذب وغير ذلك ؛ فيمدحون بباطل ويذمّون بباطل ، ويقولون : فعلنا ، ولم يفعلوا : قوله تعالى : (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا). قال ابن عباس :
(١٠٦٦) لمّا نزل ذمّ الشعراء ، جاء كعب بن مالك ، وعبد الله بن رواحة ، وحسّان بن ثابت ، فقالوا : يا رسول الله ، أنزل الله هذا وهو يعلم أنّا شعراء ، فنزلت هذه الآية.
وقال المفسّرون : وهذا الاستثناء لشعراء المسلمين الذين مدحوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم وذمّوا من هجاه ، (وَذَكَرُوا اللهَ كَثِيراً) أي : لم يشغلهم الشّعر عن ذكر الله ولم يجعلوا الشّعر همّهم. قال ابن زيد : وذكروا الله في شعرهم. وقيل : المراد بالذّكر : الشّعر في طاعة الله عزوجل.
قوله تعالى : (وَانْتَصَرُوا) أي : من المشركين (مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا) لأنّ لمشركين بدءوا بالهجاء. ثم أوعد شعراء المشركين ، فقال : (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا) أي : أشركوا وهجوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم والمؤمنين (أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) قال الزّجّاج : «أيّ» منصوبة بقوله : «ينقلبون» لا بقوله : «سيعلم» ، لأنّ «أيّا» وسائر أسماء الاستفهام لا يعمل فيها ما قبلها. ومعنى الكلام : إنهم ينقلبون إلى نار يخلّدون فيها. وقرأ ابن مسعود ، ومجاهد عن ابن عباس ، وأبو المتوكّل ، وأبو رجاء : «أيّ متقلّب يتقلّبون» بتاءين مفتوحتين وبقافين على كلّ واحدة منهما نقطتان وتشديد اللام فيهما. وقرأ أبيّ بن كعب ، وابن عباس ، وأبو العالية ، وأبو مجلز ، وأبو عمران الجوني ، وعاصم الجحدري : «أيّ منفلت ينفلتون» بالفاء فيهما وبنونين ساكنين وبتاءين. وكان شريح يقول : سيعلم الظّالمون حظّ من نقصوا ، إنّ الظّالم ينتظر العقاب ، وإنّ المظلوم ينتظر النّصر. والله أعلم.
____________________________________
(١٠٦٦) خبر منكر ، لا يصح. أخرجه الطبري ٢٦٨٤٨ و ٢٦٨٥٩ عن سالم البراد وهو مرسل ، والمتن غريب ، فالسورة مكية والخبر مدني. وأخرجه ابن أبي حاتم عن عروة بنحوه كما في «تفسير ابن كثير» ٣ / ٤٤٠ وقال ابن كثير بعده : وهكذا قال ابن عباس ، وعكرمة وغير واحد وهذه مرسلات لا يعتمد عليها ، فالسورة مكية وهؤلاء الشعراء من الأنصار اه. بتصرف واختصار.
__________________
(١) عزاه المصنّف لمقاتل ، وهو متروك متهم.