القدمين ، وكان قاضيا على بني إسرائيل.
قوله تعالى : (أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ) المعنى : وقلنا له : أن أشكر لله على ما أعطاك من الحكمة (وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ) أي : إنما يفعل لنفسه (وَمَنْ كَفَرَ) النّعمة ، فإنّ الله لغنيّ عن عبادة خلقه.
(وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (١٤) وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٥) يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (١٦) يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (١٧))
قوله تعالى : (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ) قال مقاتل : نزلت في سعد بن أبي وقّاص ، وقد شرحنا ذلك في العنكبوت (١). قوله تعالى : (حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ) وقرأ الضّحّاك ، وعاصم الجحدري : «وهنا على وهن» بفتح الهاء فيهما ، قال الزّجّاج : أي : ضعفا على ضعف. والمعنى لزمها بحملها إيّاه أن تضعف مرّة بعد مرّة. وموضع «أن» نصب «بوصيّنا» ؛ المعنى : ووصينا الإنسان أن اشكر لي ولوالديك ، أي : وصّيناه بشكرنا وشكر والديه.
قوله تعالى : (وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ) أي : فطامه يقع في انقضاء عامين. وقرأ إبراهيم النّخعيّ ، وأبو عمران ، والأعمش : «وفصاله» بفتح الفاء. وقرأ أبيّ بن كعب ، والحسن ، وأبو رجاء ، وطلحة بن مصرّف ، وعاصم الجحدري ، وقتادة ؛ «وفصله» بفتح الفاء وسكون الصاد من غير ألف ؛ والمراد : التّنبيه على مشقّة الوالدة بالرّضاع بعد الحمل.
قوله تعالى : (وَإِنْ جاهَداكَ) قد فسّرنا ذلك في سورة العنكبوت إلى قوله تعالى : (وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً) قال الزّجّاج : أي : مصاحبا معروفا ، تقول : صاحبه مصاحبا ومصاحبة ، والمعروف : ما يستحسن من الأفعال.
قوله تعالى : (وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَ) أي : من رجع إليّ ؛ وأهل التّفسير يقولون : هذه الآية نزلت في سعد ، فهو المخاطب بها. وفي المراد بمن أناب ثلاثة أقوال : أحدها : أنه أبو بكر الصّدّيق ، قيل لسعد : اتّبع سبيله في الإيمان ، هذا معنى قول ابن عباس في رواية عطاء. وقال ابن إسحاق : أسلم على يدي أبي بكر الصّدّيق : عثمان بن عفّان ، وطلحة ، والزّبير ، وسعد بن أبي وقّاص ، وعبد الرحمن بن عوف. والثاني : أنه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قاله ابن السّائب. والثالث : من سلك طريق محمّد وأصحابه ، ذكره الثعلبي.
ثم رجع إلى الخبر عن لقمان فقال : (يا بُنَيَ). وقال ابن جرير : وجه اعتراض هذه الآيات بين الخبرين عن وصيّة لقمان أنّ هذا مما أوصى به لقمان ابنه. قوله تعالى : (إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ) وقرأ
__________________
(١) العنكبوت : ٨.