الكفّار. وقد شرحنا هذا في البقرة (١). قال الزّجّاج : وقوله تعالى : (هُوَ جازٍ) جاءت في المصحف بغير ياء ، والأصل «جازي» بضمّة وتنوين. وذكر سيبويه والخليل أنّ الاختيار في الوقف هو «جاز» بغير ياء ، هكذا وقف الفصحاء من العرب ليعلموا أنّ هذه الياء تسقط في الوصل. وزعم يونس أنّ بعض العرب الموثوق بهم يقف بياء ، ولكن الاختيار اتّباع المصحف.
قوله تعالى : (إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌ) أي : بالبعث والجزاء (فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا) بزينتها عن الإسلام والتّزوّد للآخرة (وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ) أي : بحلمه وإمهاله (الْغَرُورُ) يعني : الشيطان ، وهو الذي من شأنه أن يغرّ. قال الزّجّاج : «الغرور» على وزن الفعول ، وفعول من أسماء المبالغة ، يقال : فلان أكول : إذا كان كثير الأكل ، وضروب : إذا كان كثير الضّرب ، فقيل للشيطان غرور ، لأنه يغرّ كثيرا. وقال ابن قتيبة : الغرور بفتح الغين : الشيطان ، وبضمّها : الباطل.
قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ).
(١١٠٧) سبب نزولها أنّ رجلا من أهل البادية جاء إلى النبيّ صلىاللهعليهوسلم فقال : إنّ امرأتي حبلى ، فأخبرني ماذا تلد؟ وبلدنا مجدب ، فأخبرني متي ينزل الغيث؟ وقد علمت متى ولدت ، فأخبرني متى أموت ، فنزلت هذه الآية ، قاله مجاهد.
ومعنى الآية : «إنّ الله» عزوجل «عنده علم الساعة» متى تقوم ، لا يعلم سواه ذلك (وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ) وقرأ نافع ، وعاصم ، وابن عامر : «وينزّل» بالتشديد ، فلا يعلم أحد متى ينزل الغيث ، أليلا أم نهارا (وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ) لا يعلم سواه ما فيها ، أذكر أم أنثى ، أبيض أو أسود (وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً) أخيرا أم شرّا (وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ) أي : بأيّ مكان. وقرأ ابن مسعود ، وأبيّ بن كعب ، وابن أبي عبلة : «بأيّة أرض» بتاء مكسورة. والمعنى : ليس أحد يعلم أين مضجعه من الأرض حين يموت ، أفي برّ أو بحر أو سهل أو جبل. وقال أبو عبيدة : يقال : بأيّ أرض كنت ، وبأية أرض كنت ، لغتان ، وقال الفرّاء : من قال : بأيّ أرض ، اجتزأ بتأنيث الأرض من أن يظهر في «أيّ» تأنيثا آخر. قال ابن عباس : هذه الخمس لا يعلمها ملك مقرّب ولا نبيّ مرسل مصطفى. قال الزّجّاج : فمن ادّعى أنه يعلم شيئا من هذه كفر بالقرآن لأنه خالفه.
____________________________________
(١١٠٧) ضعيف. أخرجه الطبري ٢٨١٧٣ عن مجاهد مرسلا ، والمرسل من قسم الضعيف.
__________________
(١) البقرة : ٤٨.