وقوله تعالى : (مِيثاقاً غَلِيظاً) أي : شديدا على الوفاء بما حمّلوا. وذكر المفسّرون أنّ ذلك العهد الشديد : اليمين بالله عزوجل (لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ) يقول : أخذنا ميثاقهم لكي نسأل الصادقين ، وهم الأنبياء (عَنْ صِدْقِهِمْ) في تبليغهم. ومعنى سؤال الأنبياء ـ وهو يعلم صدقهم ـ تبكيت مكذّبيهم. وها هنا تمّ الكلام. ثم أخبر بعد ذلك عمّا أعدّ للكافرين بالرّسل.
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ) وهم الذين تحزّبوا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم أيام الخندق.
الإشارة إلى القصّة
(١١٢٢) ذكر أهل العلم بالسّيرة أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم لمّا أجلى بني النّضير ، ساروا إلى خيبر ، فخرج نفر من أشرافهم إلى مكّة فألّبوا قريشا ودعوهم إلى الخروج لقتاله ، ثم خرجوا من عندهم فأتوا غطفان وسليم ، ففارقوهم على مثل ذلك. وتجهّزت قريش ومن تبعهم من العرب ، فكانوا أربعة آلاف ، وخرجوا يقودهم أبو سفيان ، ووافتهم بنو سليم ب «مرّ الظّهران» ، وخرجت بنو أسد ، وفزارة ، وأشجع ، وبنو مرّة ، فكان جميع من وافى الخندق من القبائل عشرة آلاف ، وهم الأحزاب ؛ فلمّا بلغ رسول الله صلىاللهعليهوسلم خروجهم من مكّة ، أخبر الناس خبرهم ، وشاورهم ، فأشار سلمان بالخندق ، فأعجب ذلك المسلمين ، وعسكر بهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى سفح «سلع» ، وجعل سلعا خلف ظهره ؛ ودسّ أبو سفيان بن حرب حييّ بن أخطب إلى بني قريظة يسألهم أن ينقضوا العهد الذي بينهم وبين رسول الله صلىاللهعليهوسلم ويكونوا معهم عليه ، فأجابوا ، واشتدّ الخوف ، وعظم البلاء ، ثم جرت بينهم مناوشة وقتال ، وحصر رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه بضع عشرة ليلة حتى خلص إليهم (١) الكرب ، وكان نعيم بن مسعود الأشجعيّ قد أسلم ، فمشى بين قريش وقريظة وغطفان فخذّل بينهم ، فاستوحش كلّ منهم من صاحبه ، واعتلّت قريظة بالسّبت فقالوا : لا نقاتل فيه ، وهبّت ليلة السبت ريح شديدة ، فقال أبو سفيان : يا معشر قريش ، إنكم والله لستم بدار مقام ، لقد هلك الخفّ والحافر ، وأجدب الجناب (٢) ، وأخلفتنا قريظة ، ولقينا من الرّيح ما ترون ، فارتحلوا فإني مرتحل ؛ فأصبحت العساكر قد أقشعت (٣) كلّها. قال مجاهد : والريح التي أرسلت عليهم هي الصّبا ، حتى أكفأت (٤) قدورهم ، ونزعت فساطيطهم (٥). والجنود : الملائكة ،.
____________________________________
الخلاصة : إسناده ضعيف جدا كما تقدم ، والمتن باطل ، فالنبي صلىاللهعليهوسلم آخر النبيين في الخلق والبعث. والله أعلم.
وانظر «فتح القدير» ١٩٦٦ و «تفسير ابن كثير» ٣ / ٥٧٩ و «المقاصد الحسنة» ٨٣٧ للسخاوي و «الشريعة» ٤٢٨ ـ ٤٣٠ للآجري بتخريجنا والله الموفق.
(١١٢٢) جزء من حديث. أخرجه الطبري ٢٨٣٦٩ عن ابن إسحاق عن عروة والزهري وغيرهما. وانظر خبر غزوة الخندق في «سيرة ابن هشام» ٣ / ١٤١ ـ ١٤٥ نقلا عن ابن إسحاق و «دلائل النبوة» للبيهقي ٣ / ٤٠٨ ، و «تفسير الطبري» ٢٨٣٦٤ و «تفسير ابن كثير» ٣ / ٥٨٠ ـ ٥٨١
__________________
(١) في «اللسان» خلص : وصل وبلغ.
(٢) الجناب والجانب : الناحية والفناء وما قرب من محلّة القوم.
(٣) أقشع القوم : تفرّقوا.
(٤) أكفأ الشيء : أماله ، وكفأت الإناء : كببته.
(٥) الفسطاط : بيت من شعر.