قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ) الآية. سبب نزولها :
(١١٧٨) أنّ الفسّاق كانوا يؤذون النساء إذا خرجن بالليل ، فإذا رأوا المرأة عليها قناع تركوها وقالوا : هذه حرّة ، وإذا رأوها بغير قناع قالوا : أمة ، فآذوها ، فنزلت هذه الآية ، قاله السّدّيّ.
قوله تعالى : (يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَ) قال ابن قتيبة : يلبسن الأردية. وقال غيره : يغطين رؤوسهنّ ووجوههنّ ليعلم أنهنّ حرائر (ذلِكَ أَدْنى) أي : أحرى وأقرب (أَنْ يُعْرَفْنَ) أنهنّ حرائر (فَلا يُؤْذَيْنَ). قوله تعالى : (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ) أي : عن نفاقهم (وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) أي : فجور ، وهم الزّناة (وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ) بالكذب والباطل ، يقولون : أتاكم العدوّ ، وقتلت سراياكم وهزمت (لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ) أي : لنسلّطنّك عليهم بأن نأمرك بقتالهم. قال المفسّرون : وقد أغري بهم ، فقيل له : (جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ) (١). وقال يوم جمعة :
(١١٧٩) «اخرج يا فلان من المسجد فإنك منافق. قم يا فلان فإنك منافق».
(ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيها) ثم لا يجاورونك فيها أي : في المدينة (إِلَّا قَلِيلاً) حتى يهلكوا ، (مَلْعُونِينَ) منصوب على الحال ؛ أي : لا يجاورونك إلّا وهم ملعونون (أَيْنَما ثُقِفُوا) أي : وجدوا وأدركوا (أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً) معنى الكلام : الأمر ، أي : هذا الحكم فيهم ، (سُنَّةَ اللهِ) أي : سنّ في الذين ينافقون الأنبياء ويرجفون بهم أن يفعل بهم هذا.
(يَسْئَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً (٦٣) إِنَّ اللهَ لَعَنَ الْكافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً (٦٤) خالِدِينَ فِيها أَبَداً لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (٦٥) يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا (٦٦) وَقالُوا رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا (٦٧) رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً (٦٨))
قوله تعالى : (يَسْئَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ) قال عروة : الذي سأله عنها عتبة بن ربيعة.
قوله تعالى : (وَما يُدْرِيكَ) أي : أيّ شيء يعلمك أمر الساعة ومتى تكون؟ والمعنى : أنت لا تعرف ذلك ؛ ثم قال : (لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً) فإن قيل : هلّا قال : قريبة؟ فعنه ثلاثة أجوبة : أحدها :
____________________________________
(١١٧٨) أخرجه ابن أبي حاتم كما في «الدر» ٥ / ٤١٦ عن السدي مرسلا. وأخرجه الطبري ٢٨٦٥١ عن قتادة ، وهذا مرسل. وورد من مرسل أبي مالك. أخرجه الواحدي في «أسباب النزول» ٧١٩. وورد من مرسل أبي صالح ، أخرجه الطبري ٢٨٦٥٣ ومع إرساله فيه من لم يسم ، وأبو صالح ضعيف الحديث ، ليس بشير بشيء. وعزاه الواحدي في «الأسباب» ٧١٨ للضحاك والسدي والكلبي بدون إسناد. وورد من مرسل معاوية بن قرة ، أخرجه عبد بن حميد كما في «الدر المنثور» ٥ / ٤١٦. الخلاصة : هذه المراسيل تتأيد بمجموعها وتعتضد ، ويعلم أن للخبر أصلا ، والله أعلم. وانظر «أحكام القرآن» ٣ / ٦٢٦ بتخريجنا.
(١١٧٩) ضعيف. أخرجه الطبري ١٧١٣٧ بإسناد واه ، لأجل حسين بن عمرو العنقزي عن أسباط عن السدي عن أبي مالك عن ابن عباس به.
__________________
(١) التوبة : ٧٣.