والثاني : أنه الذي مات على كبيرة ولم يتب منها ، رواه عطاء عن ابن عباس.
والثالث : أنه الكافر ، رواه عمرو بن دينار عن ابن عباس.
(١١٩٢) وقد رواه ابن عمر مرفوعا إلى النبيّ صلىاللهعليهوسلم. فعلى هذا يكون الاصطفاء لجملة من أنزل عليه الكتاب ، كما قال : (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ) (١) أي : لشرف لكم ، وكم من مكرم لم يقبل الكرامة! والرابع : أنه المنافق ، حكي عن الحسن. وقد روي عن الحسن أنه قال : الظّالم : الذي ترجح سيّئاته على حسناته ، والمقتصد : الذي قد استوت حسناته وسيّئاته ، والسّابق : من رجحت حسناته. وروي عن عثمان بن عفّان أنه تلا هذه الآية ، فقال : سابقنا أهل جهادنا ، ومقتصدنا أهل حضرنا ، وظالمنا أهل بدونا.
قوله تعالى : (وَمِنْهُمْ سابِقٌ) وقرأ أبو المتوكل والجحدري وابن السميفع : «سبّاق» مثل : فعّال (بِالْخَيْراتِ) أي : بالأعمال الصّالحة إلى الجنّة ، أو إلى الرّحمة (بِإِذْنِ اللهِ) أي : بإرادته وأمره (ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) يعني إيراثهم الكتاب.
ثم أخبر بثوابهم ، فجمعهم في دخول الجنّة فقال : (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها) قرأ أبو عمرو وحده : «يدخلونها» بضمّ الياء ؛ وفتحها الباقون ، وقرأ نافع ، وأبو بكر عن عاصم : (وَلُؤْلُؤاً) بالنّصب. وروى أبو بكر عن عاصم أنه كان يهمز الواو الثانية ولا يهمز الأولى ؛ وفي رواية أخرى أنه كان يهمز الأولى ولا يهمز الثانية. والآية مفسّرة في سورة الحج (٢). قال كعب : تحاكّت مناكبهم وربّ الكعبة ، ثم أعطوا الفضل بأعمالهم.
(وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (٣٤) الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ (٣٥) وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذابِها كَذلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ (٣٦) وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيها رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (٣٧) إِنَّ اللهَ عالِمُ غَيْبِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٣٨) هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلا يَزِيدُ الْكافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلاَّ مَقْتاً وَلا يَزِيدُ الْكافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلاَّ خَساراً (٣٩))
ثم أخبر عمّا يقولون عند دخولها ، وهو قوله تعالى : (وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ) الحزن والحزن واحد ، كالبخل والبخل. وفي المراد بهذا الحزن خمسة أقوال (٣) : أحدها : أنه الحزن
____________________________________
(١١٩٢) باطل ، أخرجه ابن مردويه كما في «الدر» ٥ / ٤٧٤ عن عمر مرفوعا ، وتفرد ابن مردويه به دليل وهنه ، ويخالفه ما تقدم من أحاديث ، فهو متن باطل.
__________________
(١) الزخرف : ٤٤.
(٢) الحج : ٢٣.
(٣) قال الطبري في «تفسيره» ١٠ / ٤١٦ : وأولى الأقوال عندي بالصواب أن يقال : إن الله تعالى ذكره أخبر عن