لطول المقام في المحشر.
(١١٩٣) روى أبو الدّرداء عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «أمّا السّابق ، فيدخل الجنّة بغير حساب ، وأمّا المقتصد ، فيحاسب حسابا يسيرا ، وأمّا الظّالم لنفسه ، فإنه حزين في ذلك المقام» ، فهو الحزن والغمّ ، وذلك قوله تعالى : «الحمد لله الذي أذهب عنّا الحزن».
(١١٩٤) والثاني : أنه الجوع ، رواه أبو الدّرداء أيضا عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ولا يصحّ ، وبه قال شمر بن عطيّة. وفي لفظ عن شمر أنه قال : الحزن : همّ الخبز ، وكذلك روي عن سعيد بن جبير أنه قال : الحزن : همّ الخبز في الدنيا.
والثالث : أنه حزن النّار ، رواه أبو الجوزاء عن ابن عباس. والرابع : حزنهم في الدنيا على ذنوب سلفت منهم ، رواه عكرمة عن ابن عباس. والخامس : حزن الموت ، قاله عطيّة.
والآية عامّة في هذه الأقوال وغيرها ، ومن القبيح تخصيص هذا الحزن بالخبز وما يشبهه ، وإنما حزنوا على ذنوبهم وما يوجبه الخوف.
قوله تعالى : (الَّذِي أَحَلَّنا) أي : أنزلنا (دارَ الْمُقامَةِ) قال الفرّاء : المقامة هي الإقامة ، والمقامة : المجلس ، بالفتح لا غير ، قال الشاعر :
يومان يوم مقامات وأندية |
|
ويوم سير إلى الأعداء تأويب (١) |
قوله تعالى : (مِنْ فَضْلِهِ) قال الزّجّاج : أي : بتفضّله ، لا بأعمالنا. والنّصب : التّعب. واللّغوب : الإعياء من التّعب. ومعنى (لُغُوبٌ) : شيء يلغب ؛ أي : لا نتكلّف شيئا نعنّى منه.
قوله تعالى : (لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا) أي : لا يهلكون فيستريحوا ممّا هم فيه ، ومثله : (فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ) (٢). قوله تعالى : (كَذلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ) وقرأ أبو عمرو : «يجزى» بالياء «كلّ»
____________________________________
(١١٩٣) حديث حسن أو شبه حسن بطرقه وشواهده دون لفظ «فإنه حزين ...» فهذا ضعيف ، ليس له شواهد.
أخرجه أحمد ٥ / ١٩٤ و ٦ / ٤٤٤ من طريق وكيع عن سفيان به. وأخرجه الحاكم ٢ / ٤٢٦ ومن طريقه البيهقي في «البعث» ٦٢ من طريق جرير عن الأعمش به. وأخرجه أحمد ٥ / ١٩٨ من طريق أنس بن عياض الليثي عن موسى بن عقبة عن علي بن عبد الله الأزدي عن أبي الدرداء به. وقال الهيثمي في «المجمع» ٧ / ٩٥ ـ (١٢٢٩٠) : رواه الطبراني ، وأحمد باختصار إلا أنه قال عن ثابت أو أبي ثابت ... وثابت بن عبيد ومن قبله من رجال الصحيح ، وفي إسناد الطبراني رجل غير مسمى. وقد فصّل الحاكم في اختلاف طرق هذا الحديث ، وقال : إذا كثرت الروايات في حديث ظهر أن للحديث أصلا. وللحديث شواهد منها الضعيف ، وانظر «فتح القدير» ٢٠٦٦ و ٢٠٦٧.
(١١٩٤) لم أره مسندا ، وأمارة الوضع لائحة عليه ، فإنه من بدع التأويل ، واكتفى المصنف رحمهالله بقوله : لا يصح.
وورد من كلام شمر بن عطية أحد علماء التفسير ، أخرجه ابن أبي حاتم كما في «الدر» ٤ / ٤٧٦.
ـ والصحيح عموم الآية في كل ما يحزن الإنسان من مصائب وهموم ونصب ، وهو الذي اختاره المصنف.
__________________
هؤلاء القوم الذين أكرمهم بما أكرمهم به أنهم قالوا حين دخلوا الجنة (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ) وخوف دخول النار من الحزن ، والجزع من الموت من الحزن ، والجزع من الحاجة إلى المطعم من الحزن ولم يخصص الله إذ أخبر عنهم أنهم حمدوه على إذهابه الحزن عنهم نوعا دون نوع.
(١) البيت لسلامة بن جندل كما في «اللسان» ـ أوب ـ.
(٢) القصص : ٥١.