والفساد والتّهالك ؛ وليس يجوز هذا فى حكمة الحكيم ، بل الأفضل والأعمّ للنّفع أن يلهم النّاس معرفة منافعهم ومضارّهم ، ويركّب (١) ذلك فى طباعهم (٢) كما ركّبه (٣) فى طباع البهائم ؛ فانّا نرى البهائم بطباعهم (٤) وبضروب من الرّوائح تعرف كثيرا من الأشياء التى لا توافقها. فهلّا جعل النّاس كذلك ، إذ كان ذلك فى طباعهم ممكنا؟ فانّ ذلك أعم نفعا وأحوط لهم من أن يجعل بعضهم أئمّة لبعض.
هذا قول الملحد ، وحذفت الكثير (٥) منه تركا للتّطويل ، وذكرت النّكت منه. وإنّما أراد بقوله : جعل بعضهم أئمّة لبعض ، أنّه اختار منهم أنبياء ورسلا ، فجعلهم أئمّة لهم. وقد تقدّم القول منّا فيما ذكرنا أنّه جرى بيننا وبينه ؛ وفيما أجبناه مقنع لمن أنصف إن شاء الله (٦) ولكنّا نعيده ، ونشبع القول به ، اذ كان رسمه فى كتابه
فنقول (٧) فى جوابه :
(٣) إنّ الأفضل والأصلح والأشبه بحكمة الحكيم ، أن يقصد لأيسر (٨) الأمرين ويأتى من أقرب الطّريقين ويترك الأوعر (٩) والأبعد. وقد وجدنا ما اختاره الله عزوجل لخلقه بأن (١٠) بعث فيهم أنبياء ورسلا وجعل بعضهم أئمّة لبعض ، هو أشبه بحكمته ورحمته وأحوط لعباده وأعمّ نفعا ، وهو أيسر الأمرين و
__________________
(١) يركب : تركب) (٢) ـ طباعهم : طبائعهم B ، طاعتهم C (٣) ركبه : ركب ABC (٤) ـ بطباعها : بطبائعهاB (٥) ـ الكثير : الكثيرةB (٦) ـ الله : ـ B (٧) ـ فنقول : نقول A ، ـ B (٨) ـ لا يسر : الاسيرC (٩) الاوعر : الاوعدB (١٠) ـ بان : ان ABC