وفضلها العدوّ واعترف به كما اعترف به الولىّ ؛ كما ذكر (١) عن بطريق البطارقة بأرمينية أنّه قال : ما خفى عليّ وجه السّياسة بعد أن سمعت الآية من القرآن «خذ العفو وامر بالعرف (٢) واعرض عن الجاهلين» ولعمرى قد وقف مع كفره بالقرآن حين عرف لطائف المعانى التى فى هذه الآية فى باب السّياسة ومكارم الأخلاق. ولها (٣) فى القرآن نظائر كثيرة فمنها ما خرج على الاختصار والايجاز ، ومنها ما خرج على الشّرح والتّفسير.
وفيه أخبار القرون (٤) الخالية وأنباء القرون الآتية وضرب (٥) الأمثال. فجمع النبي (ص) فى هذا الكتاب من هذه الشرائع والآداب التى قد ذكرناها إلى غير ذلك ممّا يطول به (٦) الشّرح ، بتأييد من الله عزوجل ووحى منه إليه ؛ وهو أمّىّ ، كان لا يقرأ كتابا قبل ذلك ولا يكتبه ، ولم يكن يخالط الملوك والرّؤساء ، ولا كان يختلف إلى العلماء ، والادباء (٧) كما وصفه الله عزوجل فقال : (وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ.)
وهذا من معجزاته أن (٨) يأتى (صلوات الله عليه) بمثل هذه الأسباب الجليلة الخطيرة ، ويجمعها (٩) فى كتابه ، وهو أمّىّ لم يقرأ ولم يكتب قبل أن أوحى إليه ، فجرى على تلك السّنّة ، ولو أراد أن يكتب لفعل (١٠) ؛ فانّ الّذي أورده فى كتابه من (١١) ذكر حروف المعجم التى لا يعرفها الأميّون يدل على ذلك. فأين الملحد المعتوه حين زعم أنّه ليس فى القرآن
__________________
(١) ـ ذكر : ـ B (٢) ـ بالعرف : بالمعروف A (٣) ـ لها : اماA (٤) ـ القرون : امورA ، الامورC (٥) ضرب : ضروب B (٦) ـ به : ـ ABC (٧) ـ العلماء والادباء : الادباء والعلماءAC ـ (٨) ـ أن : وأن C (٩) ـ يجمعها : تجمعهاC (١٠) ـ لفعل : + مجرى B (١١) من : وA