بل ، المخلوق يعجز عن الاحاطة بالخالق ، والخالق (١) يحيط بخلقه كلّه ؛ لا يعزب عنه مثقال ذرّة فى الأرض ولا فى السّماء. وانّما نهينا عن التّفكّر فى الله ، وأمرنا بالتّفكّر فى خلقه لهذه العلّة ؛ ومن خالف ذلك هلك. وهذا هو الحقّ الواضح. وليس للملحد فى ردّه حجّة ، ولا له إلى (٢) ذلك سبيل. وليس هذا الحديث ممّا يردّ النّظر وينهى عنه ؛ بل ، فيه : النّهى عن النّظر فى كيفيّة الخالق ، والتّفكّر فى ذاته ؛ والأمر بالتّفكّر فى خلقه والاعتبار به (٣) والاستدلال بذلك (٤) على (٥) إنّيّته وكيفيّته. وأىّ حجّة للملحد فى هذا حين أنكره على رواته (٦)؟!
(٥) وأمّا الخبر ، قوله : «القدر سرّ الله فلا تخوضوا فيه» ، وما ادّعى من الأخبار التى ذكر (٧) أنّها تنفى القدر ، وأخرى تنفى الاجبار ، فانّها كلّها صحيحة. ومن الّذي نظر فى القدر فبلغ الغاية فيه حتى قطع حجة خصمه ؛ ومن الّذي أثبت القدر ، أو من الّذي أثبت (٨) الإجبار ، مع كثرة نظر النّاس فيه ومجاذباتهم ؛ وهل حصلوا إلّا على الوسواس والهذيان ونقض بعضهم على بعض؟ هذا ، ممّا يدل على أنّ (٩) الأخبار التى تنفى القدر ، هى صحيحة ؛ وكذلك ، التى تنفى الاجبار (١٠) هى صحيحة.
(٦) وأهل النّظر فى ذلك ـ أعنى القدر ـ على ثلاث طبقات : قوم أوجبوا الإجبار ، وادّعوا أنّ أفعال العباد مخلوقة وأنّها بقدر ، وأنّ العباد مجبرون (١١) على أفعالهم. فهؤلاء أوجبوا (١٢) أنّهم أطاعوا الله وعصوه
__________________
(١) ـ والخالق : بل الخالق C (٢) ـ الى : الاC (٣) ـ به : ـ C (٤) بذلك : به B (٥) على : ـ A (٦) ـ رواته : روايته A (٧) ـ ذكر : ذكرناC (٨) ـ القدر ... اثبت : ـ A (٩) ـ على ان : ان AC ـ (١٠) ـ الاجبار : + وA (١١) ـ مجبرون : مجبورون B (١٢) اوجبوا : اجبواB