مكرهين ؛ فألزموا البارى الجور ، وأوجبوا أنّ الله أجبر خلقه على المعاصى ، ثمّ يعاقبهم عليها ، عزّ الله عن ذلك.
والطّائفة الأخرى قالوا : إنّ أفعال العباد ليست بمخلوقة ، وإنّه ليس لله (١) فيها مشيّة ولا إرادة ولا تقدير. فأوجبوا أنّ العباد يقدرون على فعل ما لا يريده الله ولا يقدّره ، وأنّهم عصوه وأطاعوه غالبين ؛ فأشركوا أنفسهم مع الله فى سلطانه ؛ إذ كانوا يقدرون (٢) على ما لا يقدّر الله ولا يريده. وسقطوا عن حكم التّنزيل ؛ لأنّ الله عزوجل (٣) ، يقول : (إِنَّا(٤) كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ (٥) بِقَدَرٍ (٦)) وأفعال العباد هى (٧) شيء داخل (٨) فى الكلّ الّذي ذكره الله أنّه خلقه بقدر ـ تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا.
وقوم عرفوا الحقّ والعدل ، فنفوا القدر والاجبار وصحّحوا (٩) الأخبار التى أنكرها الملحد وزعم أنّها متناقضة ، وزعم أنّ منها ما ينفى القدر ومنها ما ينفى الاجبار ، جهلا منه بهذه المنزلة الثالثة. وأهل الحقّ والعدل اقتدوا فى ذلك بالصّادقين من آل الرسول عليه وعليهمالسلام (١٠) الذين هم ورثة علم رسول الله وصحّحوا هذه الأخبار كلّها التى تنفى القدر والإجبار ، وقالوا : لا إجبار (١١) ولا تفويض ؛ كما قال الصّادق (١٢) جعفر بن محمد عليهالسلام (١٣) ، حين سئل فقيل له : يا ابن (١٤) رسول الله ، الناس مجبرون؟ قال (١٥) : الله أعدل (١٦) من أن يجبر خلقه على المعاصى ، ثم يعاقبهم عليها. قيل : فمفوّض إليهم؟ قال : هو أعزّ
__________________
(١) ـ لله : معه A (٢) ـ واطاعوه ... يقدرون : ـ C (٣) ـ عزوجل : ـ A (٤) انا : ان B (٥) ـ خلقناه : خلقاه B (٦) بقدر : يقدرA (٧) هى : هوB (٨) داخل : داخلةBC ـ (٩) ـ صححوا : صححواA (١٠) ـ عليه وعليهمالسلام : ـ A (١١) ـ لا اجبار : الاجبارC (١٢) ـ الصادق : ـ A (١٣) عليهالسلام : ـ A (١٤) ـ يا ابن : يا ابن AC ـ (١٥) قال : قائل A (١٦) اعدل : اعذرC