ملك غيره من غير علمه ، أو مخالفة من هو داخل تحت تصرفه وحكمه ، وذلك كله منفي عن الباري ـ تعالى ـ.
ثم إن ذلك مبني على أصولهم في التحسين والتقبيح وقد أبطلناه. ثم كيف السبيل إلى تفسير الواجب في حقه بما يلزم من فرض عدمه المحال ، مع ما أسلفناه من قصة أبي جهل وتكليف غيره ممن مات على كفره بالإيمان ، ومجرد الإمكان غير كاف في التمكين إلا مع القدرة عليه ، والاسترسال بكونه مقدورا له قبل الفعل ـ مع ما عرف من أصلنا في الاستطاعة وأنها لا تكون إلا مع الفعل ـ غير مفيد. ثم ولو كان مقدرا فلا بد وأن يكون وقوعه بالفعل متصورا ، ولو تصور وقوعه بالفعل لانقلب العلم السابق جهلا ، وذلك محال في حق الباري ـ تعالى ـ لما سلف. وامتناع وقوع المحال لا فرق فيه بين أن يكون لازما على الشيء باعتبار ذاته وبين أن يكون لازما عنه باعتبار غيره فيما يرجع إلى نفس المقصود وهو الوقوع ، ومن جحد ذلك فليسأل الله ـ تعالى ـ أن يرزقه عقلا.
ومن أنكر حلول الآلام بالحيوان ، وإلمامه بها فجحده لبديهته يغني عن مكالمته ، ولسانه ينادي على نفسه بفضيحته ، فإن ذلك غير متقاصر عن جحد كونها حية ومتحركة وغير ذلك مما لها من الصفات المحسوسة. ومن زعم أن ذلك قبيح لعينه فقد تبين فساد أصله في التحسين والتقبيح. ثم ولو كان كذلك للزم أن من شرب دواء كرها أو احتجم أو أن انفصد أملا لإزالة داء ممرض أن يعد ذلك منه قبيحا ، على نحو ما إذا ألقى نفسه في تهلك ، وهو خلاف المعقول.
وأما الثنوية فقد أبطلنا عليهم قواعدهم ، والتناسخية فسنبين فيما يأتي زيف عقائدهم إن شاء الله تعالى. وهو الهادي لطرق الرشاد.