القانون الخامس
في أفعال واجب الوجود
ويشتمل على ثلاث قواعد :
القاعدة الأولى
في أنه لا خالق إلا الله تعالى (١)
__________________
(١) قال المصنف في أبكار الأفكار (٢ / ٦٦٠) : فإضافة الخلق إلى الله ـ تعالى ـ بمعنى الاختراع والإيجاد ، وبمعنى القصد إلى الشيء ، وبمعنى التسوية صحيح ، دون الخلق بمعنى الظن والكذب ، ويكون مشاركا للعباد في الاتصاف بالخلق بمعنى القصد إلى الشيء. وبمعنى التقدير والتسوية دون الخلق بمعنى الإيجاد ، والاختراع ؛ إذ هو المنفرد به دون غيره كما يأتي. وإذا عرف مدلول اسم الخلق ، واختلاف اعتباراته ؛ فقد اختلف المتكلمون فيما هو جهة الحقيقة منه. فذهب أئمتنا ، وأكثر المعتزلة : إلى أنه حقيقة في الإيجاد ، والاختراع ، ومجاز فيما عداه. وذهب الجبائي ، وابنه (أبو هاشم) : إلى أنه حقيقة في التقدير بمعنى الظن ، والحسبان ثم بينا على هذا الأصل أن الرب ـ تعالى ـ لا يوصف بكونه خالقا حقيقة ؛ لاستحالة الظن والحسبان ، الذي هو مدلول اسم الخلق حقيقة في حقه ، وإن كان موجدا ومخترعا حقيقة. والحق في هذه المسألة : أن إطلاق اسم الخلق بإزاء ما ذكرناه من الاعتبارات واقع ، وكونه حقيقة في البعض مجاز في البعض ، أو أنه مشترك : أي أنه حقيقة في الكل ؛ فمن جملة الوضع ، والوضع على أصول أرباب الأصول دون من لا اعتبار له من الشذوذ ـ لا يثبت بغير الدليل القاطع : وهو النقل المتواتر عن أرباب الوضع ، أو السمع القاطع من جهة الشرع ، ولم يوجد شيء من ذلك. وإن كان الأشبه ، والأغلب على الظن ما ذهب إليه أهل الحق من أئمتنا ؛ إذ هو الشائع ، الزائع ، المتبادر إلى الإفهام من إطلاق اسم الخلق دون ما عداه من الاعتبارات على ما لا يخفى. ثم الخلق بمعنى الإيجاد ، والاختراع ، هل هو نفس المخلوق ، أو غيره؟ اختلفوا فيه : فذهبت الأئمة من المتكلمين ، وأهل الحق : إلى أن الخلق هو نفس المخلوق ، والإيجاد هو نفس الموجود ، والإحداث نفس المحدث. ثم بنوا على هذا الأصل رسم الخلق بأنه المقدور الموجود بالقدرة القديمة. وربما عبروا عنه بأنه المقدور الموجود بالقدرة القديمة ، الخارج عن محل القدرة. وذهبت الكرامية إلى أن : الخلق والإحداث صفات حادثة قائمة بذات الرب ـ تعالى ـ ، وهو باطل ؛ بما سبق من