تمهيد في الإمامة :
واعلم أن الكلام في الإمامة ليس من أصول الديانات ، ولا من الأمور اللابديات ، بحيث لا يسع المكلف الإعراض عنها ، والجهل بها ، بل لعمري إن المعرض عنها لأرجى حالا من الواغل فيها ، فإنها قلما تنفك عن التعصب والأهواء ، وإثارة الفتن والشحناء ، والرجم بالغيب في حق الأئمة والسلف بالإزراء ، وهذا مع كون الخائض فيها سالكا سبيل التحقيق ، فكيف إذا كان خارجا عن سواء الطريق؟
لكن لما جرت العادة بذكرها في أواخر كتب المتكلمين. والإبانة عن تحقيقها في عامة مصنفات الأصوليين ، لم نر من الصواب خرق العادة بترك ذكرها ، في هذا الكتاب ، وموافقة للمألوف من الصفات ، وجريا على مقتضى العادات.
لكننا نشير إلى تحقيق أصولها على وجه الإيجاز ، وتنقيح فصولها من غير احتياز.
والكلام فيها يشتمل على طرفين :
(أ) طرف في وجوب الإمامة ، وشرائطها ، وبيان ما يتعلق بها.
(ب) وطرف في بيان معتقد أهل السنة في إمامة الخلفاء الراشدين ، والأئمة المهديين ، الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون.
الطرف الأول في وجوب الإمامة وما يتعلق بها
مذهب أهل الحق من الإسلاميين أن إقامة الإمام واتباعه فرض على المسلمين شرعا لا عقلا ، وذهب أكثر طوائف الشيعة إلى وجوب ذلك عقلا لا شرعا وذهب بعض القدرية والخوارج إلى أن ذلك ليس واجبا لا عقلا ولا شرعا.
ونحن ـ الآن ـ نبتدئ بتقديم مذهب أهل الحق أولا ، ثم نشير إلى شبه