غير عزم على ترك معاودتها عند كونه لذلك أهلا ، والندم والتألم على ما اقترف أولا ؛ من جهة أنه لم يكن له ذلك مستحقا ، لم يكن إطلاق اسم التوبة في حقه بالنظر إلى عرف المتكلمين ، مما يجوز ، لكن ذلك مما لا يجب على العبد استدامته في سائر أوقاته ، وتذكره في جميع حالاته ، وإلا لزم منه اختلال الصلوات أو لا يكون تائبا في بعض الأوقات ، وهو خلاف ، إجماع المسلمين ، وليس من شرط صحة التوبة ، والإقلاع عن ذنب في زمن من الأزمان ، ألا يعاوده في زمن آخر ؛ إذ التوبة مهما وجدت فهي عبادة ومأمور بها ، وليس من شرط صحة العبادة المأتى بها في زمن ألا يتركها في زمن آخر.
وليس من شرط صحة التوبة أيضا ، والإقلاع عن ذنب ، الإقلاع عن غيره من الذنوب ، كما زعم أبو هاشم ، وإلا كان من أسلم بعد كفره ، وآمن بعد شقائه ونفاقه ، إذا استدام زلة من الزلات ، وهفوة من الهفوات ، ألا يكون مقلعا عما التزمه من أوزار كفره ، وألا يترقى على من هو على غيه وجحوده وذلك مما يخالف إجماع المسلمين ، وما ورد به الشرع المنقول ، واتفق عليه أرباب العقول.
وبهذا يندفع قول القائل : إن ما وجبت التوبة عنه فإنما كان لقبحه ، وذلك لا يختلف فيه ذنب وذنب ، فلا يصح الندم على قبيح مع الإصرار على قبيح غيره.
والله الهادي إلى الرشاد ..