لما كانوا عليه من شدة اليقين ومراعاة الدين ، فلو لم يعلموا منه ـ ضرورة ـ أنه مبعوث إلى الناس كافة ، وإلى الأمم عامة ، من الأسود والأبيض وإلا لما نقلوا ذلك رعاية للدين ، مع أنه ترك الدين ، وكذلك أيضا من جاء من بعدهم على سنتهم ، وهلم جرا إلى زمننا هذا ، ولو لم يكن نبيا على العموم لزم أن يكون قد كذب في دعواه ، وأبطل فيما أتاه ، وذلك محال في حق الأنبياء ، وحق من ثبت عصمتهم بالمعجزات وقواطع الآيات.
وعلى هذا النحو ثبوت كونه «خاتم النبيين» وآخر المرسلين. حيث قال : «لا نبي بعدي» ، وتنزل الكتاب العزيز بمصداق ذلك ، تشريفا له وتكريما فقال : وخاتم النبيين ، وعلم ذلك فيما مضى من أهل عصره ، ولم يزل تتناقله الأمم والأعصار في سائر الأقطار ، ومن لا يتصور عليهم التواطؤ على الكذب ، واللهو واللعب ، وعلم ذلك ضرورة من قوله وكتابته ، فلا سبيل إلى جحده سمعا ، وإن كان ذلك جائزا عقلا.
وهذا آخر ما أردنا ذكره من النبوات ، والأفعال الخارقة للعادات.
والتوكل على رب الخيرات (١).
__________________
(١) انظر : مقالات الإسلاميين للأشعري (٢ / ١١١) ، والفرق بين الفرق للبغدادي (ص ١٠ ، ٣٣ ، ٢٤٠) ، والملل والنحل للشهرستاني (٢ / ١٠ ، ٢٩) ، والإحكام للمصنف (١١٢).