(فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً) جسداً له صوت ، وقال : إنّه إله بني إسرائيل عامة ، وتبعه السفلة والعوام ، واستقبل موسى هارون فألقى الألواح وأخذ يعاتب هارون ويناقشه ، وهذا ما يحكيه سبحانه في سورتين ويقول : (وَلَمَّا رَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ بِئْسَما خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْواحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْداءَ وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ). (١)
ويقول سبحانه : (فَرَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ يا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً أَفَطالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي) ... (قالَ يا هارُونُ ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا* أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي* قالَ يَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي) (٢). فهاهنا يطرح سؤالان :
١. لما ذا ألقى الألواح؟
٢. لما ذا ناقش أخاه وقد قام بوظيفته؟
وإليك تحليل السؤالين بعد بيان مقدمة وهي :
إنّ موسى قد خلف هارون عند ما ذهب إلى الميقات ، وقد حكاه سبحانه بقوله : (وَقالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ) (٣). وقام هارون بوظيفته في قومه ، فعند ما أضلّهم السامري ناظرهم بقوله : (يا قَوْمِ إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي) (٤) واكتفى في ذلك بالبيان واللوم ولم يقم في وجههم بالضرب والتأديب وقد بيّنه
__________________
(١). الأعراف : ١٥٠.
(٢). طه : ٨٦ ، ٩٢ ـ ٩٤.
(٣). الأعراف : ١٤٢.
(٤). طه : ٩٠.