لأخيه بقوله : (إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي).
هذا ما يخص هارون ، وأمّا ما يرجع إلى موسى ، فقد أخبره سبحانه عن إضلال السامري قومه بقوله : (فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ) (١) ، ورجع إلى قومه غضبان أسفاً وخاطبهم بقوله : (بِئْسَما خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ) وقال أيضاً : (أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً أَفَطالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ). وفي هذا الظرف العصيب أظهر كليم الله غضبه بإنجاز عملين :
١. إلقاء الألواح جانباً.
٢. مناقشته أخاه بقوله : (ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا* أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي) ، فعند ذلك يطرح السؤالان نفسهما :
لما ذا ألقى الألواح أوّلاً؟ ولما ذا ناقش أخاه وناظره وقد قام بوظيفته ثانياً؟ فنقول :
لا شك أنّ ما اقترفه بنو إسرائيل من عبادة العجل كان من أقبح الأعمال وأفظعها ، كيف؟! وقد أهلك الله عدوهم وأورثهم أرضهم ، فكان المترقب منهم هو الثبات على طريق التوحيد ومكافحة ألوان الشرك ـ ومع الأسف ـ فإنّهم كفروا بعظيم النعمة ، وتركوا عبادته سبحانه ، وانخرطوا في سلك الثنوية مع الجهل بقبح عملهم وفظاعة فعلهم.
إنّ أُمّة الكليم وإن كانت غافلة عن مدى قبح عملهم ، لكن سيدهم ورسولهم كان واقفاً على خطورة الموقف وتعدّي الأُمّة ، فاستشعر بأنّه لو لم يكافحهم بالعنف والشدة ولم يقم في وجههم بالاستنكار مع إبراز التأسف
__________________
(١). طه : ٨٥.