ولا ينوّن هذا فينصب ما بعده فيقال ثالثٌ ثلاثةً لان ثالثا فى هذا ليس يَجْرى مَجْرَى الفعل فيصير بمنزلة ضاربٍ زيدًا وانما هو بعضُ ثلاثةٍ وأنتَ لا تقول بعضٌ ثلاثةً وقد اجتمع النحويون على ذلك الا ما ذكره أبو الحسن بن كَيْسانَ عن أبى العباس ثعلب انه أجاز ذلك قال أبو الحسن قلتُ له اذا أجزتَ ذلك فقد أجريته مُجْرَى الفعل فهل يجوز أن تقول ثَلَثْتُ ثلاثةً قال نعم على معنى أتممت ثلاثةً والمعروفُ قول الجمهور وقال بعضهم سَبَعْتُ القومَ وأسبعتُهم ـ صَيَّرْتُهم سبعةً وسَبَعْتُ الحبلَ أَسْبَعُه ـ فتلُته على سبع قُوًى وكانوا ستةً فأَسْبَعُوا ـ صاروا سبعة وأسْبعْتُ الشئَ وسَبَعْتُه ـ صيرتُه سبعةً ودراهمُ وَزْنُ سبعةٍ لانهم جعلوا عشرةَ دراهم وَزْنَ سبعة مثاقيلَ وسُبِعَ المولُود ـ حُلِقَ رَأْسُهُ وذُبحَ عنه لسبعةٍ وسَبَّع اللهُ لك ـ رَزَقَكَ سبعةَ أولادٍ وسَبَّعَ اللهُ لك ـ ضَعَّفَ لك ما صَنَعْتَ سبعَ مرات وسَبَّعْتُ الاناءَ ـ غَسَلْتُه سَبْعًا ولهذه الكلمة تصاريفُ قد أبَنْتُها فى مواضعها فاذا زدتَ على العشرة فالذى ذكره سيبويه بناءُ الاول والثانى وذلك حادى عشر وثانى عشر وثالث عشر ففتح الاوّل والثانى وجعلهما اسما واحدا وجعل فتحهما كفتح ثلاثة عشر وذكر أن الاصلَ أن يقال حادىَ عَشَرَ أحَدَ عَشَرَ وثالثَ عَشَرَ ثَلاثة عشر فيكون حادى بمنزلة ثالثٍ لان الثالث قد استغرق حروفَ ثلاثةٍ وبنى منها فكذلك ينبغى أن يستغرق حادى عشر حروفَ أحَدَ عَشَر وقد حكاه أيضا فقال وبعضهم يقول ثالثَ عَشَرَ ثلاثةَ عَشَرَ وهو القياسُ وقد أنكر أبو العباس هذا وذكر أنه غير محتاج الى أن يقول ثالثَ عَشَرَ ثلاثةَ عَشَرَ وأن الذى قاله سيبويه خلافُ مذهب الكوفيين وكانَّ حجةَ الكوفيين فيما يَتَوَجَّهُ فيه أن ثلاثة عشر لا يمكن أن يبنى من لفظهما فاعل وانما يبنى من لفظ أحدهما وهو الثلاثة فذكر عشر مع ثالث لا وجه له وقد قدّمنا احتجاجَ سيبويه لذلك مع حكايته اياه عن بعضهم ويجوز أن يقال انه لما لم يمكن أن يبنى منهما فاعل وبنى من أحدهما احتيج الى ذكر الآخر لينفصلَ ما هو أحدُ ثلاثةٍ مما هو أحدُ ثلاثةَ عَشَر فأتى باللفظ كله والضرب الثانى من الضربين أن يكون التمام يجرى مجرى اسم الفاعل الذى يعمل