جعلته من قولهم رجل مَأْلٌ أي خفيف وامرأة مَألةٌ كان فَوْعلة وكذلك أُثْفِيَّة أن أخذته من تَأَثَّفْنا بالمكانِ وكذلك أَرْوَى أن نوّنتَه جاز أن يكون أَفْعَلَ مثل أَفْكَل وأن يكون فَعْلًى مثل أَرْطي وإن لم تنونه كان فَعْلًى والألف فيه مثل حُبْلَى وكذلك أُرْبِيَّة لأصل الفَخِذِ أن أخذته من التأريب الذي هو التوفير من قولك أَرَّبْتُ الشيءَ إذا وَفَّرْته وقولهم أَرِيبٌ إذا أرادوا به ذو تَوَفُّرٍ وكَمالٍ فإن أخذته من رَبا يَرْبُو إذا ارتفع لأنه عضو مرتفع في النَّصْبةِ والخِلْقِة فاللفظانِ متفقانِ والمعنيانِ مختلفانِ وهذا كثير جداً تتفق الألفاظُ فيه ويختلف المعنى والتقديرُ فكذلك هذا الاسم الذي تقول لَهْىَ عند سيبويه تقديره مقلوبا من لاهِ ولاَهِ على هذا الألفُ فيه عينُ الفعل وهي غير التي في الله إذا قَدَّرْتَه محذوفا منه الهمزة التي هي فاءُ الفعل فحكم بزيادة الألف من غير الموضع الذي حكم فيه بأنها أصل فإذا كان كذلك سَلِمَ قولُه من النقَّضْ ولم يجز فيه دَخَلٌ فإن قال قائل ما تُنْكِر أن يكون لاَهِ في قول من قال لَهْىَ أبوك هو أيضاً من قولك إله ولا يكون كما قدّره سيبويه من أن العين ياء لكي تكون الألف في لهى منقلبة عن الألف الزائدة في إله قيل الذي يمتنع له ذلك ويَبْعُدُ أن الياء لا تنقلب عن الألف الزائدة على هذا الحد إنما تنقلب واوا في ضَواربَ وهمزة في كنائن وياء في دنانير فأما أن تنقلب ياءٌ على هذا الحَدّ فبعيد لم يجيء في شيء علمناه فإن قال قائل فقد قالوا زَبانيّ وطائي فأبدلوا الألف من ياءين زائدتين فكذلك تبدل الياء من الألف الزائدة في لَهْىً فالجواب أن إبدالهم الألف من الياء في زَباني ليس بإبدال باء من الألف في نحو قوله :
لَنَضْرِباً بسَيْفِنا قَفَيْكا
لم ينبغ ذلك أن تجيز هذا قياسا عليه لأن ذلك لغة ليست بالكثيرة ولأن ما قبل المبدل قد اختلف ألا ترى أن العين في قفكيا متحركة وما قبل الياء في لهى ساكن ومما يبعد ذلك أن القلبَ ضَرْبٌ من التصريف تُرَدُّ فيه الأشياء إلى أصولها ألا ترى أنك لا تكاد تجد مقلوبا محذوفا منه بل قد يُرَدُّ في بعض المقلوب ما كان محذوفا قبل القلب كقولهم هارٍ وذلك أنه لما أزيلت حروف الكلمة فيه عن نظمها وقصدها كما فعل ذلك