محمدُ تَفْدِ نَفْسَكَ كُلُّ نَفْسٍ * إذا ما خِفْتَ مِنْ شَيْءٍ تَبَالاَ
وأنشد أبو زيد :
فُتضْحِي صَرِيعاً ما تَقُومُ لحاجةٍ * ولا تُسْمِعُ الدَّاعي ويُسْمِعْكَ مَنْ دَعا
وأنشد البغداديون :
ولا تَسْتَطِلْ مِنِّي بَقائي ومُدَّتي * ولكنْ يكُنْ للخيرِ مِنْكَ نَصِيبُ
وأنشدوا أيضاً :
(١) فقلتُ ادْعي وأَدْعُ فإنَّ أنْدَى * لِصَوتْ أن يُنادي دَاعِيانِ
وقال الكسائي في قوله تعالى : " قُلْ للذينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا " إنما هو ليَغْفِرُوا فحذف اللام وقياسُ قوله هذا عندي أن تكون اللامُ محذوفةً من هذا القبيل نحو قوله عز وجل : " قُلْ لِعبادي الذَّيِنَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ " وقالوا الله لأفْعَلَنَّ وحُذِفَ الحرفُ فيما كان من نحو ما كان ليفعلَ ومع الفاء والواو وأو وحتى فإذا حذف في هذه الأشياء لم يمتنع حذفُه في هذا الموضع أيضاً لأن الدلالةَ على حذفه قائمةٌ ألا ترى أن انْجرار الاسم يدل عليه كما أن انتصابَ الفعِل في المواضع التي ذكرنا يدل عليه فالحذفُ في هذا الحرف الزائد كالحذف في الحروف الأصلية للدلالة على حذفه كالدلالة على الحذف من الأصل نحو لم أُبَلْ لأن الجَرَّ في الاسم يدل على الجارِّ المحذوف وقد حُذِفَ الحرفُ الزائد كما حُذف الأصل نحو إنيِّ ولعلي كحذفهم التاء من استطاع وكذلك يَسُوغ حذفُ هذا الزائد الجارِّ وقد حذفوا الجارَّ أيضاً في قولهم مررت برجلٍ إن صالحٍ وإن طالحٍ فليس في شيء ذكروه في الفصل الأول ما يمتنع له حذف الحرف من قولهم لاهِ أبوك (٢) وأما ما ذكروا في الفصل الثاني منها وذلك قولهم ظِلْتُ ومِسْتُ ونحو ذلك فإن قلت وما الدليلُ على أنّ المحذوف الأول وما تنكر من أن يكونَ الثاني فالدليلُ على أنه الأول قولُ من قال في ظَلِلْتُ ظِلْتُ وفي مَسِسَّتُ مِسْتُ فألقيَ حركة العينَ المحذوفةِ على الفاء كما ألقاها عليها في خِفْتُ وِهبْتُ وطُلْتُ ويدل أيضاً سكونُ الحرف قبل الضمير في ظِلْتُ وظَلْتُ كما سكن في ضَرَبْتُ ولو كان المحذوفُ اللامَ دون العين لتحرّك ما قبل الضمير ولم يسكن فقد دلك هذا على أن
__________________
(١) قوله وأدع فان أسس الخ الرواية المشهوره وأدعو ان أدى؟ أدعو بان مسمرة وبه استشهد سيبيويه وغيره من النحويين على ذلك قال شارح الشواهد حمله على معنى ليكن منا أن تدعى وأدعو قال ويروى وأدع فان أندى على معنى نتدعى ولأدع على الامراء مصححه
(٢) قوله وأمام ذكروا في الفصل الثاني منها الخ هذا بالاصل وفيه نقص يعلم بالتأمل من قوله سابقا وأيضاً حذف من هذه المكررات الخ فانه الفصل الثاني وحرر اه مصححه