الدَّهْر ومن أنثه ذهب به الى معنى المَنِيَّة قال الاصمعى المَنُونُ ـ المَنِيَّة والمَنُونُ ـ الدَّهْر وأنشد قول الشاعر
فقلتُ انَّ المنُونَ فانْطَلِقَنْ |
|
تَعْدُو فلا تَسْتَطِيعُ تَدْرَؤُها |
تَعْدُو ـ تَشْتَدُّ قال الهذلى
أَمِنَ المَنُونِ ورَيْبِها تَتَوَجَّعُ |
|
والدَّهْرُ ليسَ بِمُعْتِبٍ مَنْ يَجْزَعُ |
فأنث المَنُونَ على معنى المَنِيَّة ويُنْشَدُ ورَيْبِه فذكر المَنُونَ على معنى الدَّهْر قال الفارسى ومن روى ورَيْبِه ذهب به الى معنى الجنس ومن جعل المنونَ جمعا ذهب به الى معنى المَنايا قال عدى بن زيد
مَنْ رَأَيْتَ المَنُونَ عَدّيْنَ أَمْ مَنْ |
|
ذا عليه مِنْ أَنْ يُضَامَ خَفِيرُ |
حَمَلَه على رأيت المنايا عَدّين* قال أبو على* انما سمى الدهر والمنية مَنُونًا لاخْذِهما مُنَنَ الاشياءِ ـ أى قُواها والمَنِينُ الحَبْل الخَلَقُ
ومن ذلك (الفُلْكُ) يكون واحدا وجمعا وقد قدّمت أنه يذكر ويؤنث وليس الفُلْكُ وان كان يقع على الواحد والجميع بمنزلة المَنُونِ لان المَنُونَ اذا كان جمعا فليس بتكسيرِ مَنُونٍ وانما هو اسم دال على الجنس كما أَرَيْتُك وأما الفُلْك الذى يُعْنَى به الجمع فتكسير الفُلْكِ الذى يعنى به الواحد ألا تَرى أن سيبويه قد مَثَّلَه بأَسَدٍ وأُسْدٍ ونَظَّر فُعْلاً بفَعَل اذا كانا قد يَعْتَقِبانِ على الكلمة الواحدة كقولهم عُدْمٌ وعَدَمٌ وسُقْم وسَقَم فالضمة التى فى فُلْكٍ وأنتَ تريد الجمعَ غيرُ الضمة التى فى فُلْك وأنتَ تريد الواحد وقد كشفتُ جَلِيَّةَ هذا الامر فيما تقدّم وأتيتُ بنَصِّ قول سيبويه وذكرتُ اعتراضَ أبى علىّ على أبى اسحق فى هذا الفصل وتَسْفيهَه رأيَهُ عند ذكر الفُلْك فى باب السفينة اذ كان فصلا لم يوضحه أحد من قُدَماء النحويين بحقيقته وقال جل ثناؤه فى تأنيثها (قُلْنَا احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ) وقال تعالى فى الجمع (حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ)
ومن ذلك (الطَّاغُوتُ) بقَعَ على الواحد والجميع وقد قَدَّمْتُ أنه يذكر ويؤنث* قال الفارسى* قال محمد بن يزيد الطاغُوتُ جمع وليس الامر عندنا على ما قال وذلك أن الطاغوت مصدر كالرَّغَبُوت فكما أن هذه الاشياء التى هذا الاسم على وزنها