قيل : على قبر يحفرونه.
قال : ففزع رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فبدر بين يدي أصحابه مسرعاً حتّى انتهى الى القبر فجثا عليه.
قال : فاستقبلته من بين يديه لانظر ما يصنع. فبكى حتّى بلَّ الثَّرى من دموعه ، ثمّ اقبل علينا ، قال : أي اخواني لمثل اليوم اعدوا (١).
__________________
(١) مسند أحمد بن حنبل : ج ٤ ، ص ٢٩٤ وروى الشهيد في : مسكن الفؤاد ، ص ١٠٧ ، الطبعة الحجرية عن البراء بن عازب باختلاف يسير ، ونقله الشيخ النوري في المستدرك : ج ٢ ، ص ٤٦٥ ، باب ٧٤ ، ح ٢٤٧٦ ، الطبعة الحديثة.
ومما يناسب المقام ما رواه أحمد بن حنبل أيضاً عن البراء بن عازب انّه قال :
(خرجنا مع النبي صلىاللهعليهوآله في جنازة رجل من الانصار ، فانتهينا الى القبر ولمّا يلحد ، فجلس رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وجلسنا حوله ، وكأنّ على رؤوسنا الطير ، وفي يده عود ينكت في الأرض فرفع رأسه ، فقال :
استعيذوا بالله من عذاب القبر. (مرّتين ، أو ثلاثاً) ثمّ قال :
إنّ العبد المؤمن اذا كان في انقطاع من الدنيا ، واقبال من الآخرة ، نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه ، كأن وجوههم الشمس ، معهم كفن من أكفان الجنّة ، وحنوط من حنوط الجنّة ؛ حتّى يجلسوا منه مدّ البصر ، ثمّ يجيء ملك الموت عليهالسلام حتّى يجلس عند رأسه فيقول : أيتها النفس الطيبة اخرجي الى مغفرة من الله ، ورضوان.
قال : فتخرج تسيل ، كما تسيل القطرة من في السقاء ، فيأخذها. فإذا أخذها يدعوها في يده طرفة عين حتّى يأخذوها فيجعلونها في ذلك الكفن ، وفي ذلك الحنوط ، ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض.
قال : فيصعدون بها ، فلا يمرون ـ يعني بها ـ على ملأ من الملائكة إلاّ قالوا : ما هذا الروح الطيب؟
فيقولون : فلان ، بن فلان ؛ بأحسن اسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا.
حتّى ينتهوا بها الى السماء الدنيا ، فيستفتحون له ؛ فيفتح لهم ، فيشيعه من كل سماء مقربوها الى السماء التي تليها حتّى ينتهى به الى السماء السابعة ، فيقول الله عزّوجلّ اكتبوا كتاب عبدي في عليين ، واعيدوه الى الأرض ، فانّي منها خلقتهم وفيها اعيدهم ومنها اخرجهم تارة اُخرى.
قال : فتعاد روحه في جسده ، فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له : مَن ربك؟ فيقول ربّي الله.