الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ) (١).
فلما نزلت هذه الآية على رسول الله صلىاللهعليهوآله خرج وهو يتلوها ويبتسم. فقال لأصحابه :
من يدلني على ذلك الشاب التائب؟
فقال معاذ يا رسول الله بلغنا انّها في موضع كذا وكذا ، فمضى رسول الله صلىاللهعليهوآله بأصحابه حتّى انتهوا الى ذلك الجبل ، فصعدوا إليه يطلبون الشاب ، فإذا هم بالشاب قائم بين خصرتين مغلولةً يداه الى عنقه ، وقد اسود وجه ، وتساقطت أشفار عينيه من البكاء ، وهو يقول : سيدي قد أحسنت خلقي ، وأحسنت صورتي ، فليت شعري ماذا تريد بي أفي النار تحرقني ، أم في جوارك تسكنني؟
اللهمّ انّ خطيئتي أعظم من السماوات والأرض ومن كرسيك الواسع وعرشك العظيم ، فليت شعري تغفر خطيئتي ، أم تفضحني بها يوم القيامة.
فلم يزل يقول نحو هذا ، وهو يبكي ، ويحثو التراب على رأسه ، وقد أحاطت به السباع ، وصفت قوقه الطير ، وهم يبكون لبكائه. فدنا رسول الله صلىاللهعليهوآله فأطلق يديه من عتقه ، ونفض التراب عن رأسه وقال :
يا بهلول! أبشر فانّك عتيق الله من النار.
ثمّ قال صلىاللهعليهوآله لأصحابه : هكذا تداركوا الذنوب ، كما تداركها بهلول.
ابشر فانّك عبيق الله من النار.
ثمّ تلا عليه ما انزل الله عزّوجل فيه ، وبشره بالجنة) (٢).
__________________
(١) سورة آل عمران : الآية ١٣٥ ـ ١٣٦. وفي المصدر وردت ألفاظ الآيتين الشريفتين مع التفسير ، ويبدو انّ التفسير من الراوي ، وقد تركه المؤلف رحمهالله تعالى ، وبما انّ التفسير ورد عن غير المعصومين عليهمالسلام رأينا تركه أسلم.
(٢) رواه الصدوق في لا أمالي : ص ٤٥ ـ ٤٧ ، المجلس ١١ ، ح ٣. ورواه عنه المجلسي في البحر : ج ٦ ، ص ٢٣ ـ ٢٦.