قال : ثمّ انغمر في البكاء فلم أسمع له حساً ولا حركة ، فقلت : غلب عليه النوم لطول السهر ، اوقظه لصلاة الفجر.
قال أبو الدرداء : فأتيته ، فإذا هو كالخشبة الملقاة ، فحركته فلم يتحرك ، وزويته فلم ينزو ، فقلت : إنا إليه راجعون ، مات والله علي بن أبي طالب عليهالسلام.
قال : فاتيت منزله مبادراً انعاه إليهم.
فقالت فاطمة عليهماالسلام : يا أبا الدرداء ما كان من شأنه ، ومن قصته؟
فأخبرتها الخبر ، فقالت : هي والله ـ يا أبا الدرداء ـ الغشية التي تأخذه من خشية الله.
ثمّ أتوه بماء فنضحوه على وجهه ، فأفاق ، ويظر اليّ وأنا أبكي ، فقال : مما بكاؤك يا أبا الدرداء؟
فقلت : مما اراه تنزله بنفسك.
فقال : يا أبا الدرداء! فكيف لو رأيتني ، ودعي بي الى الحساب ، وايقن أهل الجرائم بالغذاب ، واحتوشتني ملائكة غلاظ ، وزبانية فظاظ ، فوقفت بين يدي الملك الجبار ، قد اسلمني الاحباء ، ورحمني أهل الدنيا لَكُنت َ أشدّ رحمة لي بين يدي مَن لا تخفى عليه خافية.
فقال أبو الدراداء : فو الله ما رايت ذلك لأحد من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله (١).
يقول المؤلّف : رأيت من المناسب أن انقل هذه المناجاة عنه عليهالسلام بنفس الفاظها التي كان يقرأها ، ليقرأها من شاء في قلب الليل في وقت التهجد ، كما عمل ذلك شيخنا البهائي رحمهالله في كتاب (مفتاح الفلاح).
* وهذه المناجاة الشريفة هي :
« اِلهي كَم مِن موبِقَةٍ حَلُمتَ عَن مُقابَلَتهِا بِنِقمَتِكَ (٢) وَكَم مِن جَريَرةٍ تَكَرَّمتَ عَن
__________________
(١) رواه الصدوق بالإسناد الى عروة بن الزبير في الأمالي : ص ٧٢ ـ ٧٣ ، المجلس ١٨ ، ح ٩ ، ورواه عنه المجلسي في البحار : ج ٤١ ، ص ١١ ـ ١٢ ، ح ١ ، وفي : ج ٨٧ ، ص ١٩٤ ، ح ٢.
(٢) بنعمتك : خ ، ل.