قال الملك : مَن هم؟
قال الوزير : أهل الدين الذين عرفوا ملك الآخرة ونعيمها فطلبوه.
قال الملك : وما ملك الآخرة؟
قال الوزير : هون النعيم الذي لا بؤس بعده ، والغنى الذي لا فقر بعده ، والفرح الذي لا ترح بعده ، والصحّة التي لا سقم بعدها ، والرضا الذي لا سخط بعده ، والأمن الذي لا خوف بعده ، والحياة لاتي لا موت بعدها ، والملك الذي لا زوال له. هي دار البقاء ودار الحيوان التي لا انقطاع لها ، ولا تغيير فيها ، رفع الله عزّوجلّ عن ساكنيها فيها السقم والهرم والشقاء ، والنصب ، والمرض ، والجوع ، والظمأ ، والموت.
فهذه صفة ملك الآخرة ، وخبرها أيّها الملك.
قال الملك : وهل تدركون الى هذه الدار طلباً ، والى دخولها سبيلاً؟
قال الوزير : نعم! هي مهيّأة لمن طلبها من وجه مطلبها. ومن أتاها من بابها ظفربها.
قال الملك : ما منعك أن تخبرني بهذا قبل اليوم؟
قال الوزير : منعني من ذلك اجلالك ، والهيبة لسلطانك.
قال الملك : لئن كان هذا الأمر الذي وصفت يقيناً فلا ينبغي لنا أن نضيّعه ، ولا نترك العمل به في اصابته. ولكنّا نجتهد حتّى يصحّ لنا خبره.
قال الوزير : أفتأمرني أيّها الملك أن او اظب عليك في ذكره ، والتكوير له؟
قال الملك : بل آمرك أن لا تقطع عني ذكره ليلاً ولا نهاراً ، ولا تريحني ، ولا تمسك عني ذكره ، فانّ هذا أمر عجيب لا يتهاون به ، ولا يغفل عن مثله.
وكان سبيل ذلك املك والوزير الى النجاة (١).
* يقول المؤلّف : رأيت من المناسب في هذا المقام لأجل زيادة بصيرة
__________________
(١) كمال الدين للشيخ الصدوق : ص ٦٠٤ ـ ٦٠٦ ، طبعة طهران.