« ذكر الموت يميت الشهوات في النفس ، ويقطع منابت الغفلة ، ويقوي القلب بمواعد الله ، ويرقّ الطبع ، ويكسر أعلام الهوى ، ويطفىء نار الحرص ، ويحقر الدنيا ، وهو معنى ما قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : فكر ساعة خير من عبادة سنة ، وذلك عندما تحلّ اطناب خيام الدنيا ، وتشدّها في الآخرة ، ولا شك [ولا يسكن نزول على ذكر. خ. ٧] بنزول الرحمة على ذاكر الموت بهذه الصفة. ومن لا يعتبر بالموت ، وقلة حيلته ، وكثرة عجزه ، وطول مقامه في القبر ، وتحيّره في القيامة ؛ فلا خير فيه ».
قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « اذكروا هادم اللذات ».
فقيل : وما هو يا رسول الله؟
فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : الموت.
فما ذكره عبد على الحقيقة في سعة إلاّ ضاقت عليه الدنيا ، ولا في شدة إلاّ اتسعت عليه.
والموت أول منزل من منازل الآخرة ، وآخر منزل من منزل الدنيا ، فطوبى لمن اُكرم عند النزول بأوّلها ، وطوبى لمن أحسن مشايعته في آخرها.
والموت أقرب الأشياء من بني آدم وهو يعدّه أبعد ، فما أجرأ الانسان على نفسه وما أضعفه من خلق.
وفي الموت نجاة المخلصين وهلاك المجرمين ، ولذلك اشتاق من اشتاق الى الموت ، وكره من كره.
قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « من أحبّ لقاء الله احبّ الله لقاءه ، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه » (١).
* وروي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم انّه قال :
« أفضل الزهد في الدنيا ذكر الموت. وأفضل العبادة ذكر الموت. وأفضل التفكر ذكر الموت ، فمن اثقله ذكر الموت وجد قبره روضة من رياض الجنّة » (٢).
* * *
__________________
(١) مصباح الشريعة : ص ١٧١ ـ ١٧٢. ونقله في البحار : ج ٦ ، ص ١٣٣.
(٢) جامع الاخبار : ص ١٦٥ ، الفصل ١٣١. ونقله عنه في البحار : ج ٦ ، ص ١٣٧ ح ٤١.