المصيبة مرّة ومازلت أحس بمرارتها في فمي ، ومازلت أتجرع الغصص لفقدانه ... ) (١).
ويقول أيضاً : ( ويحق لي أن أقول : ولقد عشت بعد الشيخ عيشة الحوت في البر ، وبقيت في الدهر ولكن بقاء الثلج في الحرّ ، فلقد كانت له عليّ من الحقوق الواجب شكرها ما يكل شبا براعتي ويراعي عن ذكرها.
وهو شيخي الذي أخذت عنه في بدء حالي ، وانضويت الى موائد فؤائده يعملات رحالي ، فوهبني من فضله ما لا يضيع ، وحنّ عليّ حنو الظئر على الرضيع.
ففرش لي حجر علومه ، وألقمني ثَدي معلومه ، فعادت علي تركات انفاسه ، واستضأت من ضياء نبراسه ، فما يسفح به قلمي انّما هو من فيض بحاره ، وما يفنح به كلمي انّما هو نسيم أسحاره ، وأنا أتوسل الى ربّ الثواب والجزاء أن يجعل نصيبه من رضوانه أوفى الانصباء ، وكم له رحمهالله من الله تعالى ألطاف خفيه ، ومواهب غيبية ونِعَم جليلة .. ) (٢).
وقال أيضاً : ( لازمت خدمته برهة من الدّهر في السفر والحضر ، والليل والنهار ، وكنت استفيد من جنابه في البين الى أن نعب بيننا غراب البين فطوى الدهر ما نشر ، والدهر ليس بمأمون على بشر .. ) (٣).
وأما شيخه النوري فهو : الحسين بن محمّد تقي بن علي محمّد النوري الطبرسي ولد في ١٨ شوال سنة ١٢٥٤ في قرية نور احدى كور طبرستان وهي ( مازندران ).
وكان والده من العلماء الأجلاء درس في اصفهان على المحقّق المولى علي النوري وفي كربلاء عند السيّد محمّد المجاهد نجل صاحب الرياض ، ثمّ هاجر الى النجف الأشرف وحضر عند علمائها ثمّ عاد الى بلاده حائزاً على درجة
__________________
(١) الفوائد الرضوية : ص ١٥٠.
(٢) الفوائد الرضوية : ص ١٥٠ ـ ١٥١ بتصرف يسير.
(٣) المصدر السابق : ص ١٥٢.