والله لا أصلّي أو يصلّي هو ولأقلّدنّه (١) صلاتي اليوم ، قال : وسار أمير المؤمنين صلوات الله عليه إلى أن قطع أرض بابل وتدلّت الشمس للغروب ثمّ غابت واحمرّ الافق قال : فالتفت إليّ أمير المؤمنين عليهالسلام وقال: يا جويرية هات الماء فقدّمت إليه الأداوة فتوضّأ ثمّ قال : أذّن يا جويرية.
فقلت : يا أمير المؤمنين ما وجب العشاء بعد ، فقال عليهالسلام : أذّن للعصر ، فقلت في نفسي : أذّن للعصر وقد غربت الشمس ولكن عليّ الطاعة ، فأذّنت فقال لي : أقم ففعلت وإذ أنا في الإقامة إذ تحرّكت شفتاه بكلام كأنّه منطق الخطاطيف لم أفهم ما هو ، فرجعت الشمس بصرير عظيم حتّى وقفت في مركزها من العصر ، فقام عليهالسلام وكبّر وصلّى وصلّينا وراءه فلمّا فرغ من صلاته وقعت كأنّها سراج في طست وغابت واشتبكت النجوم فالتفت وقال : أذّن أذان العشاء يا ضعيف اليقين (٢).
الثاني عشر : ابن بابويه فيمن لا يحضره فقيه عن أبيه ومحمّد بن الحسن رضي الله عنهما قالا : حدّثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن أحمد بن عبد الله القروي عن الحسين بن المختار القلانسي عن أبي بصير عن عبد الواحد بن المختار الأنصاري وعن أمّ المقدام الثقفية عن جويرية بن مسهر قال : أقبلنا مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب من قتل الخوارج حتّى إذا قطعنا أرض بابل حضرت صلاة العصر ، فنزل أمير المؤمنين عليهالسلام ونزل الناس فقال علي عليهالسلام : أيّها الناس إنّ هذه أرض ملعونة قد عذبت في الدّهر ثلاث مرّات ، وفي خبر أنّها مرّتين وهي تتوقّع الثالثة ، وهي إحدى المؤتفكات ، وهي أوّل أرض عبد فيها وثن ، وإنّه لا يحلّ لنبيّ ولا وصيّ نبيّ أن يصلّي فيها فمن أراد منكم أن يصلّي فليصلّ ، فمال الناس عن جنبي الطريق يصلّون فركب هو بغلة رسول الله ومضى.
قال جويرية : فقلت : والله لأتبعنّ أمير المؤمنين عليهالسلام ولأقلّدنه صلاتي اليوم ، فمضيت خلفه فو الله ما جزنا جسر سورى حتّى غابت الشمس فشككت فالتفت إليّ وقال : يا جويرية أشككت؟
فقلت : نعم يا أمير المؤمنين فنزل عن ناحية فتوضّأ ثمّ قام فنطق بكلام لا أحسنه إلّا كأنّه بالعبراني، ثمّ نادى : الصلاة فنظرت والله إلى الشمس قد خرجت من بين جبلين لها صرير ، فصلّى العصر وصلّيت معه فلمّا فرغنا من صلاتنا عاد الليل كما كان فالتفت إليّ فقال : يا جويرية بن مسهر إنّ اللهعزوجل يقول : (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) وإنّي سألت الله عزوجل باسمه العظيم فردّ عليّ
__________________
(١) في المصدر : لا قلدته.
(٢) عيون المعجزات : ٢ ط. النجف ، ومدينة المعاجز : ١ / ١٩٥.