ولقد تعددت أقوال المفسرين في الآية الأخيرة حيث قال بعضهم (١) استنادا إلى بعض الروايات والأحاديث : إن يوم الجمعة هو اليوم الذي كان يجب اتخاذه يوم عيد لأن الله انتهى فيه من خلق الكون فاختلف اليهود في الأمر ثم اختاروا يوم السبت لأنه كان يوم راحة الله من خلق الكون فأوجبه الله عليهم وحرّم فيه العمل فمنهم من ثبت على ذلك ومنهم من خالفه وقد أوردوا حديثا نبويا عن أبي هريرة رواه البخاري جاء فيه : «نحن الآخرون السابقون يوم القيامة بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا ، ثم هذا يومهم الذي فرض الله عليهم فاختلفوا فيه فهدانا الله له فالناس لنا فيه تبع ، اليهود غدا والنصارى بعد غد» ، وحديثا آخر عن أبي هريرة وحذيفة رواه مسلم جاء فيه : «أضلّ الله عن الجمعة من كان قبلنا فكان لليهود يوم السبت وكان للنصارى يوم الأحد فجاء الله بنا فهدانا ليوم الجمعة فهو تبع لنا يوم القيامة نحن الآخرون من أهل الدنيا والأولون يوم القيامة والمقضي بينهم قبل الخلائق» (٢) وحيث قال بعضهم (٣) : إن الآية تعني الإشارة إلى ما كان من احتيال اليهود على السبت في صيد السمك وما كان عقوبة الله لهم ومسخهم على هذا الإثم مما أشارت إليه آيات سورة الأعراف [١٦٣ ـ ١٦٦].
ونحن نرجح هذا القول لأننا نراه أشدّ اتصالا بموضوع التحريم والتحليل حيث يكون في الآية إنذار وتنبيه للمسلمين على عدم السير في طريق اليهود لئلا يعاقبهم الله بما عاقب هؤلاء وحيث تبدو الصلة واضحة بين هذه الآية والآيات الأربع ثم بين الآيات الخمس وما قبلها أيضا.
ولسنا نرى هذا الترجيح متعارضا مع الحديثين اللذين رواهما البخاري ومسلم من حيث إنهما ليسا في صدد تفسير الآية.
__________________
(١) انظر تفسير الآيات في تفسير الطبري وابن كثير والبغوي.
(٢) أورد الحديثين ابن كثير والبغوي انظر التاج ج ١ ص ٢٤٤ ـ ٢٤٥.
(٣) انظر تفسير الآيات في كشاف الزمخشري وتفسير الخازن.