عبارة الآيات واضحة ، والمتبادر أنها متصلة بموقف الجدل والحجاج الذي حكته الآيات السابقة للفصل السابق مباشرة. وأن ضمير الجمع الغائب راجع إلى الكفار. وهكذا يعود السياق فيتصل ببعضه بعد الفصل الانتقالي ويجعل هذا الفصل غير منقطع عنه. وقد احتوت تنديدا بالكفار وبيانا لتناقضهم في عدم الإخلاص لله وحده ومكابرتهم في الدعوة إليه واستعجال عذابه مع أنهم يعتقدون أنه خالق السموات والأرض ، ومسخّر الشمس والقمر ، وباسط الرزق ومضيّقه ، ومنزّل الماء من السماء ، ومحيي الأرض بعد موتها. والآية الثانية وإن جاءت كأنها منفصلة فروح الآيات تلهم أنها منسجمة موضوعا وسياقا معها. وفي النظم القرآني أمثلة كثيرة من ذلك مرّ كثير منها في السور السابقة. والمتبادر أن الآية الرابعة هي بقصد إعظام شأن الآخرة والترغيب فيها والترهيب منها. فالسعادة الحقيقية والشقاء الحقيقي فيها لأنها أبدية خلافا للدنيا القصيرة الأمد والمتاع.
ولقد احتوت السور السابقة ما احتوته هذه الآيات وعلقنا عليها بما رأينا فيه الكفاية فلا نرى ضرورة للإعادة والزيادة.
(فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ (٦٥) لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٦٦)) [٦٥ ـ ٦٦]
(١) ليكفروا وليتمتعوا : قال المفسرون : إن من المحتمل أن تكون اللام في الكلمتين لام الأمر ويكون في معناهما الإنذار والتحدّي كما أن من المحتمل أن تكون لام التعقيب والتنديد بمعنى أنهم عادوا إلى الكفر والاستمتاع بالحياة ونسوا الله ، ونحن نرجّح القول الأول بقرينة ما ينطوي في آخر الآية من إنذار.
في الآية الأولى صورة من صور تناقض الكفار المشركين فهم يخصون الدعاء لله وحده حينما يركبون الفلك لينجيهم إلى البر استتباعا لعقيدتهم بأنه خالق