والآخرة وتنقاد لكم جميع أهل الارض الى آخر الدهر وتنزل عليكم البركات من السماء وتخرج لكم الارض خيراتها ، وتحرزون رضا رب العالمين وعز الدنيا والآخرة وذلك هو الفوز المبين.
وبعد تمام تبليغه ما امره الله تعالى به نزل قوله عزوجل :
(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ. وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) س ٥ ٣ ي
فقال رسول الله ص وآله : الحمد لله على كمال الدين واتمام النعمة ورضا الرب فلو ثبتوا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا ، ولكن نكثوا فذلوا وهلكوا وأهلكوا :
(وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ)
(كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (١٥١) فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ (١٥٢))
والذي يلفت النظر هنا ، هو ان الآية تعيد بالنص الى ذهن المخاطبين دعوة نبي الله ابراهيم (ع) التي سبقت في السورة ، وهو قوله : وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويعلمهم الكتاب والحكمة ، ليذكر المسلمون أن بعثة هذا الرسول فيهم ، هو الاستجابة لدعوة ابراهيم (ع) وفي هذا ما فيه من ايحاء عميق بان أمرهم ليس مستحدثا ، انما هو قديم ، وان قبلتهم ليست طارئة ، انما هي قبلة ابراهيم (ع) وان نعمة الله سابغة وعدها خليله منذ ذلك التاريخ البعيد.
اذن فما يتلو عليكم ـ هذا الرسول ـ هو الحق ، وهو تفضل يرتعش القلب الحي ازاءه حين يتعمق حقيقته ، فمن هم هؤلاء الناس حتى يخاطبهم الله سبحانه وتعالى بكلماته ويمنحهم هذه الرعاية ، ويزكيهم ، ولو لا الله عزوجل مازكى منهم من أحد ، ولا تطهر ولا ارتفع