لا بد من هذا الابتلاء ، ليؤدي المؤمنون ، تكاليف العقيدة ، كي تعز نفوسهم بمقدار ما أدوا في سبيلها من تكاليف ، والعقائد الرخيصة التي لا يؤدي أصحابها تكاليفها لا يعز عليهم التخلي عنها عند أدنى الصدمات والنوائب.
فالتكاليف هي الثمن النفسي الذي تعز به العقيدة في نفوس أهلها ، قبل أن تعز في نفوس الآخرين ، وكلما تألموا في سبيلها وكلما بذلوا من أجلها ، كانت عليهم أعز وعندهم أغلى وأثمن.
كذلك لن يدرك الآخرون قيمتها الا حين يرون ابتلاء أهلها بها وصبرهم على بلائها. انهم عندئذ سيقولون في أنفسهم : لو لم يكن ما عند هؤلاء من العقيدة خيرا مما يبتلون به واكبر ما قبلوا هذا الابتلاء ، ولا صبروا عليه ، وعندئذ ينقلب المعارضون للعقيدة باحثين عنها ، مقدرين لها ، مندفعين اليها ، وعندئذ يجيء نصر الله والفتح ويدخل الناس في دين الله أفواجا.
ومن جملة فوائد الابتلاء صلابة عود أصحاب العقيدة والقوى ، فالشدائد تستجيش مكنون القوى ومذخور الطاقة ، وتفتح في القلب منافذ ومسارب ما كان ليعلمها المؤمن في نفسه الا تحت مطارق الشدائد ، والقيم والموازين ما كانت لتصح وتستقيم الا في جو المحنة والاختبار.
وأهم من هذا كله ، أوان القاعدة لهذا كله .. الالتجاء الى الله وحده حين تهتز الاسناد كلها ويخلو القلب الى الله وحده ، وتنقطع