تعالى ثم يكتمها على العباد لأجل مجاملة أرباب الرياسة أو لأجل مصالحهم بالذات ولذا يوجه اليهم التهديد والوعيد بالنكال الشديد. والتنديد ولم يختص بعلماء امة دون امة فهو شامل لجميع من علم شيئا من أحكام الله ثم كتمها مقابل عطاء من حطام الدنيا ، واشترى بكتمانها عذاب النار وغضب الجبار. وهؤلاء العلماء الخائنون لأمة الله تعالى (ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ).
فكأنما هي صفة يدفعون فيها الهدى ويقبضون عوضها الضلالة ... ويؤدون المغفرة ويأخذون بدلها العذاب ، فما أخسر صفقتهم ، ويالسوء ما ابتاعوا وما اختاروا لانفسهم فبئس ما يشترون (وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتابِ لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ) شقاق مع الحق والعدل. وشقاق مع فطرتهم وضمائرهم ، وهنا الداء الذي لا يفارقهم ولا يخففوا عنهم وليس له دواء الا الانابة والتوبة فان باب الله تعالى مفتوح لعبيده الآبقين ولا يقنطهم من رحمته مهما عظمت جرائمهم وعصيانهم له.
(يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ).
فانه جواد كريم وغفور رحيم ، يقبل التوبة من عباده ويحب التوابين ويبدل سيئاتهم حسنات.
(مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) سورة الفرقان آية ٧٠
(لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقابِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (١٧٧))
هذه الآيات كأنها تشير الى الجدل الذي جرى بين المسلمين واليهود حينما حولت القبلة عن بيت المقدس الى بيت الحرام الى الكعبة ، كما سبق في بيانه الصافي.