والمرض والضعف ، والقلة والنقص ، والصبر على كل حال ، كي تنهض بواجبها الضخم وتؤدي دورها المرسوم في الاعتدال عند نوائب الزمان
ويبرز سياق هذه الصفة (الصَّابِرِينَ) وهي لفتة خاصة لها وزنها في معرض صفات البر لفتة خاصة تبرز الصابرين وتميزهم ، وتخصص هذه السمة بهم وهو مقام سامي رفيع لا ينال الا بالصبر.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٧٨) وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٧٩))
النداء للذين آمنوا بهذه الصفة العامة لجميع من آمن بالله عن حق وصدق ، وأيقن ان التشريع مختص بالخالق العظيم دون المخلوق الجاهل الحقير.
وهو يناديهم لينبئهم أن الله فرض عليهم شريعة القصاص في القتل بالتفصيل الذي جاء في الآية ، ثم هو يبين لهم حكمة هذا التشريع ، ويوقظ فيهم التعقل والتدبر لهذه الحكمة البالغة.
ومن ثم ندرك آفاق الاسلام وبصره الواسع عند كل تشريع لهذه الامة المرحومة ، فالاسلام يلبيها بتقرير شريعة القصاص ، فالعدل الجازم هو الذي يكسر شره النفوس ويفثأ حنق الصدور ، ويردع الجاني الاثيم ، كي لا يتمادى في طغيانه ، ويجعل حكم القصاص حياة للامة فيقول عزوجل : (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ) انه ليس الانتقام وليس ارواء الاحقاد ، انما هو رادع للتكرار وعبرة لارباب النفوس الشريرة ، وفي القصاص حياة على معناها الاشمل الاعم. فالاعتداء على الحياة موت والسبب الذي هو القصاص من الجاني حياة للباقين ولو ترك هذا القصاص لتكرر في كل يوم.