أحدهم حرم عليه الطعام والشراب ، فجاء خوات الى أهله حين أمسى فقال هل عندكم طعام فقالوا لاتنم حتى نصلح لك طعاما فاتكأ فنام فقالوا له قد فعلت فقال نعم فبات على تلك الحال فأصبح ثم غدا الى الخندق فجعل يخشى عليه ، فمر به رسول الله ص وآله ، فلما رآه الذي به أخبره كيف كان أمره ، فنزل الوحي بهذه الآية.
وكان أيضا يحرم مباشرة النساء بعد النوم كالطعام ، وكان قوم من الشباب ينكحون بعد النوم سرا في شهر رمضان ، فنزلت الآية ، فأحل الله النكاح والاكل والشرب بالليل ، فذلك قوله عزوجل (عَفا عَنْكُمْ) والرفث هي المداعبة قبل المجامعة ، أو هي نفس المواقعة ، ولكن القرآن المجيد يعطي لمسة بليغة حيث عبر المرأة انها لباس الرجل والرجل لباس المرأة وهذا التعبير في غاية البلاغة حيث أن العورة فيهما لا يسترها الا اللباس وهنا قصد الزواج الحلال.
و (تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلا تَقْرَبُوها) وفي نهاية المطاف يربط الامر كله بالله على طريقة القرآن المجيد ، في توجيه كل نشاط وكل امتناع ، وكل أمر وكل نهي ، وكل حركة وكل سكون.
والنهي هنا عن القرب .. لتكون هناك منطقة أمان ، فمن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه والانسان لا يملك نفسه في كل وقت ، فأحرى به ألا يعرض ارادته للامتحان بالقرب من المحظورات المشتبهات اعتمادا على انه يمنع نفسه حين يريد ، ولان المجال هنا مجال حدود للملاذ والشهوات كان من الحكمة والاحتياط (فَلا تَقْرَبُوها) ، والمقصود هو المواقعة لا القرب ، ولكن هذا التحذير على هذا النحو له ايحاؤه في التحرج والتقوى ، و (كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ). وكذلك تلوح أعلام التقوى غاية يبين الله آياته للناس ليبلغوها ، وهي غاية كبيرة يدرك قيمتها الذين آمنوا المخاطبون بهذا القرآن في كل حين.