(وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١٨٨))
ثم بين سبحانه شريعة من شرائع الاسلام ، نسقا على ما تقدم من بيان الحلال والحرام فقال عزوجل : (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ) أي لا يأكل بعضكم مال بعض بالغصب والظلم والوجوه التي لا تحل كقوله فلا تقتلوا أنفسكم ، ومنها الاموال التي تكتسب باللهو واللعب مثل ما يؤخذ في القمار والملاهي لان كل ذلك من الباطل ، ومنها اليمين الكاذبة ، ومنها مال اليتيم والودائع ، وما يؤخذ بشهادة الزور ، فعن النبي ص وآله قال : : (انما أنا مبشر ، وانما يأتيني الخصم فلعل بعضكم ان يكون ألحن بحجته من بعض فاقضي له فمن قضيت له بحق مسلم فانما هي قطعة من نار فليحملها أو يذرها).
وهكذا يتركهم لما يعلمونه من حقيقة دعواهم ، فحكم الحاكم لا يغير الواقع ، فلا يحل حراما ولا يحرم حلالا ، انما هو ملزم في الظاهر والاثم على المحتال به.
وهكذا يربط الامر في التقاضي وفي المال بتقوى الله ، كما يربط في القصاص وفي الوصية وفي الصيام ، فكلها قطاعات متناسقة في جسم المنهج الالهي المتكامل ، وكلها مشدودة الى تلك العروة التي تربط قطاعات المنهج كله ، ومن ثم يصبح المنهج الالهي وحدة واحدة لا تتجزأ
(يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٨٩))
هي مواقيت للناس في حلهم واحرامهم ، وفي صومهم وفطرهم وفي نكاحهم وطلاقهم وعدتهم وفي معاملاتهم وتجاراتهم وديونهم ، وفي أمور دينهم وامور دنياهم على السواء.