فقد حدثهم في جوابهم عن واقع حياتهم العملي لا الى مجرد العلم النظري ، وحدثهم عن وظيفة الأهلة في واقعهم في حياتهم.
ولم يحدثهم عن الدورة الفلكية للقمر ، وكيف تتم وهي داخلة في مدلول سؤالهم.
لقد كان القرآن المجيد بصدد انشاء تصور خاص ونظام خاص ، ومجتمع خاص ، كان بصدد انشاء أمة جديدة في الارض ، ذات دور خاص في قيادة البشرية ، لتنشىء نموذجا معينا من المجتمعات غير مسبوق ، ولتعيش حياة نموذجية خاصة غير مسبوقة ولتقر قواعد هذه الحياة في الارض وتقود اليها الناس بأجمعهم أسودهم وأبيضهم.
والاجابة (العلمية) عن هذا السؤال ربما كانت غير متهيئة لها نفوس الامة في ذلك الوقت ، وليس مجالها على حال هو القرآن. اذ القرآن قد جاء لما هو أهم وأكبر من تلك المعلومات الجزئية. ولم يجيء ليكون كتاب علم فلكي أو كيماوي أو طبي. كما يحاول بعض الجاهلين له أن يلتمس منه هذه العلوم. أو كما يحاول بعض الطاعنين فيه أن يلتمسوا مخالفاته لهذه العلوم.
ان كلتا المحاولتين دليل على سوء الادراك لطبيعة هذا الكتاب المجيد ووظيفته فيه ومجال عمله. ان مجاله هو النفس الانسانية ، والحياة الروحية ، وان وظيفته ان ينشىء تصورا عاما للوجود وارتباطه بخالقه ، ولوضع الانسان في هذا الوجود وارتباطه بخالقه العظيم ، الحكيم القدير الذي هو بما يصلح عباده خبير عليم. (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ). وان يقيم على أساس هذا التصور نظاما للحياة يسمح للانسان أن يستخدم كل طاقاته ، ومن بينها اطاقة العقل التي تقوم هي بعد ذلك باستخراج ما أودع الله تعالى في هذا الكون من ذرات