تأثير هذا الشعور الذي كانت القيادة الاسلامية في مكة تراعيه في خطة الكف عن المقاومة فيما يبدو من خلال دراسة السيرة كحركة.
ومما يتعلق بهذا الجانب ان القيادة الاسلامية لم تشأ ان تثير حربا دموية داخل البيوت ، فاما بعد الهجرة فقد انعزلت الجماعة المسلمة كوحدة مستقلة تواجه سلطة أخرى في مكة. وعلى أية حال فقد سارت احكام القتال بعد ذلك متدرجة وفق مقتضيات الحركة الاسلامية في الجزيرة. (ثم في خارج الجزيرة).
لقد جاءت هذه العقيدة في صورتها الاخيرة التي جاء بها الاسلام لتكون قاعدة للحياة البشرية في الارض من بعدها ، ولتكون منهجا عاما للبشرية جميعا.
ومن ثم كان من حق البشرية أن تبلغ اليها الدعوة الى هذا المنهج الالهي الشامل في أي حال وفي ضمن حدود هذه المبادىء العامة كان الجهاد في الاسلام ، وكان لهذه الاهداف العليا وحدها انه الجهاد العادل لحماية العقيدة الحقة من الفتنة ، وحماية منهجها وشريعتها في الحياة واقرار رايتها في الارض بحيث يرهبها من يطمع بالاعتداء عليها ، قبل أن يبدأ بالاعتداء فيكون ذلك حياة لهما وهذا هو الجهاد الدفاعي عن النفس وعن المظلومين المضطهدين.
(وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ ، وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ).
وقد كان المسلمون يعلمون انهم لا ينصرون بعددهم ـ فعددهم قليل ـ ولا ينصرون بعدتهم وعتادهم ـ فما معهم منه أقل مما مع اعدائهم ـ وانما ينصرون بايمانهم الصادق ، وطاعتهم المخلصة وعون الله تعالى.