كذلك يمضي على سنة الله ، مع الكون كله ، فلا صدام ولا خصام ولا تبديل للجهد ، وقوة الكون كله تتجمع الى قوته ، وتهتدي بنوره وتنجه الى الله ربه وهو معه أينما كان. والتكاليف التي يفرضها الاسلام على المسلم كلها تقوية لفطرته ، وتصحيحا لأفكاره فلا تهمل طاقة من طاقاته ، ولا تنسى حاجة واحدة من حاجاته .. ومن ثم فلا يحتار ولا يقلق في مواجهة تكاليفه ، يحمل منها ما يطيق حمله ، ويمضي في الطريق الى خالقه ومولاه في راحة واطمئنان وروح وريحان ورضى ورضوان ، مطمئن بانه وصله كلما يحتاج اليه.
والمجتمع الذي ينشئه هذا المنهج الرباني في ظل النظام العدل المبين ينبثق من هذه العقيدة الجميلة ، والضمانات التي تحيط بها النفس والعرض والمال كلها موفورة مضمونة.
هذا هو المجتمع الاسلامي الذي تربطه آصرة واحدة ـ آصرة العقيدة ـ حيث يذوب فيها جميع الاجناس والاوطان ، واللغات والالوان ، وسائر هذه الأصر العريضة ، التي لا علاقة لها الا في جوهر الانسان وقصده وغايته ، وهدفه ومراده الذي هو رضا الله والجنة.
هذا هو المجتمع الذي يسمع الله تعالى يقول له : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)
والذي يسمع رسول الله ص وآله يقول : (مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم مثل الجسد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر أعضاء الجسد بالسهر والحمى).
وهو المجتمع الذي يكفل لكل قادر عملا ورزقا ، ولكل عاجز ضمانة للعيش الكريم.
وهو المجتمع الذي تكفل فيه حريات الناس وكراماتهم وحرماتهم وصيانة أعراضهم وأموالهم ودمائهم.